للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لاخْتِلَافِهِمْ سَبَبٌ آخَر، وَهُوَ: هَلِ الذِّبْحُ العَظِيمُ الَّذِي فَدَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ سُنَّةٌ بَاقِيَةٌ إِلَى اليَوْمِ، وَأَنَّهَا الأُضْحِيَّةُ).

هي سُنَّةٌ باقيةٌ، لَكن لا يلزم أن يكون كونه فداه بكبش أن هذا هو السُّنة التي ينبغي له، إنما نحن نأخذ هذا من قول وفعل رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: (وَأَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ (١١٨)} [الصافات: ١١٨]، فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا، قَالَ: الكِبَاشُ أَفْضَلُ (١)، وَمَنْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَتْ سُنَّةً بَاقِيَةً، لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الكِبَاشَ أَفْضَل، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَحَّى بِالأَمْرَيْنِ جَمِيعًا" (٢)).

بَلْ إنه ورد في حديثٍ صحيحٍ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عدل البدنة بعشرٍ من الشِّياه (٣)، ولكن هذا ليس في الأضحية، وإنَّما في القسمة، أي: اعتبر لحم الجمل مساويًا للحم عشرٍ من الكباش، وهذا أمر معروف؛ لأن الإبل - كما هو معلوم - تحتوي على لحم كثير، ثم يليها البقر.

قوله: (وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالوَاجِبُ المَصِيرُ إِلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَكُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الضَّحِيَّةُ بِغَيْرِ بَهِيمَةِ الأَنْعَام) (٤).


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٩) حيث قال: "واحتج بَعْضهم في ذلك بقوله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)} ".
(٢) تقدَّم.
(٣) أخرجه الترمذي (١٦٠٠)، عن رافع بن خديج، قال: كنا مع رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ، فتقدم سرعان الناس، فتعجلوا من الغنائم، فاطبخوا ورسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في أُخرى الناس، فمَرَّ بالقُدُور فأمر بها، فأُكْفئت، ثم قسم بينهم، فعدل بعيرًا بعشر شِيَاهٍ. وصححه الأَلْبَانيّ في "صحيح سنن الترمذي" (١٦٠٠).
(٤) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>