للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (أَعْنِي مَا كانَ مِنَ العُيُوبِ فِي الأُذُنِ وَالعَيْنِ وَالذَّنَبِ وَالضِّرْسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأعْضَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ يَسِيرًا، فَأَمَّا المَوْضِعُ الأَوَّلُ: فَإنَّ الجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ مَا كانَ أَشَدَّ مِنْ هَذِهِ العُيُوبِ المَنْصُوصِ عَلَيْهَا، فَهِيَ أَحْرَى أَنْ تَمْنَعَ الإِجْزَاءَ (١)، وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّهُ لَا تَمْنَعُ الإِجْزَاءَ) (٢).

يُقْصد بالجمهور هنا الأئمة الأربعة وأتباعهم.

وأهل الظاهر يقولون بظواهر النصوص، ولذلك سموا بأهل الظاهر، ويقولون: هذا نصّ ورد عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، والرَّسول - صلى الله عليه وسلم - يُبيِّن، يقول اللّه سبحانه وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، فَالرَّسولُ - صلى الله عليه وسلم - مطالب بالبيان، ولا يجوز له أن يخفي البيان عن وقت


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير" للكمال بن الهمام (٩/ ٥١٤) حيث قال: " (ولا يضحي بالعمياء والعوراء والعرجاء التي لا تمشي إلى المنسك، ولا العجفاء) ".
مذهب المالكية، يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٢/ ٤٦٨) حيث قال: " (وفائت)، أي: ذاهب وناقص (جزء) فالمعنى: لا يجزئ فائت جُزء كيدٍ أو رِجْلٍ بقطع أو خلقة كان الجزء أصليًّا أو زائدًا".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١٣٥) حيث قال: " (و) ذات (عور) وعلم منه امتناع العمياء بالأَوْلَى".
وَمَذْهب الحَنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٥) حيث قال: " (ولا تجزئ) فيهما (عمياء وإن لم يكن عماها بيِّنًا) كقائمة العينين مع ذهاب إبصارهما؛ لأن العمى يمنع مشيها مع رفيقتها، ويمنع مشاركتها في العلف؛ ولأن في النهي عن العوراء تنبيهًا على النهي عن العمياء"، وقال: "ولا تجزئ كسيرة".
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٦/ ١٠) حيث قال: "ولا تجزي في الأضحية العرجاء البين عرجها، بلغت المنسك أو لم تبلغ، مشت أو لم تمشِ، ولا المريضة البين مرضها - والجرب مرض - فإن كان كل ما ذكرنا لا يبين، أجزأ، ولا تجزي العجفاء التي لا تنقي، ولا تجزي التي في أذنها شيءٌ من النقص أو القطع، أو الثقب النافذ، ولا التي في عينها شيءٌ من العيب، أو في عينيها كذلك، ولا البتراء في ذنبها، ثم كل عيب سوى ما ذكرنا، فإنها تجزي به الأضحية".

<<  <  ج: ص:  >  >>