للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاجة (١)، وَقَد اقتصر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضع الذي يُبيِّن فيه للناس الحكمَ على الأُمور الأربعة، فلماذا نأتي بأمورٍ لم يذكرها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -؟ فينبغي أن نقفَ على النصِّ، ولا نتجاوزه.

ولَكن بقيَّة العلماء خالفوهم في هذا العمل، فهناك عيوبٌ تُعرف عند الأُصُوليِّين بالعام، والعامُّ أقسامٌ، فَهُنَاك عامٌّ ورد عليه الخصوص، وعامٌ باقٍ على عمومه، وعام مخصوص، وعام مطلق (٢).

إذًا، العامُّ أحيانًا يُرَاد به العموم، وأحيانًا يراد به الخصوص، وأحيانًا يأتي مطلقًا، ونحن نعرف العام الذي يُرَاد به العموم، كمَا في قَوْل اللّه سبحانه وتعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦]، فهذا حكمٌ عامٌّ.

ويقول سبحانه وتعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، وهذه أيضًا قضية عامة، فهذه سنن إلهية لا تتغير ولا تتبدل، فَاللَّهُ يحيط بكلِّ شَيءٍ، عالم بكل شَيءٍ، فما من دابَّة على الأرض إلا على اللّه رزقها، حتى الوحوش في البحور يأتيها رزقها؛ ولكن نتوكَّل على اللّه، ولا نجلس في أماكننا، ونقول: سيأتينا الرزق، فلنتوكل على اللّه حق توكله كما جاء في الحديث الصحيح: "لو أنكم كنتم توكَّلون على اللّه حق توكله، لَرَزقكم كما يرزق الطير، ألا ترون أنها تغدو خماصًا، وتروح بطانًا"، هذه نِعْمَةٌ منَ اللّه سبحانه وتعالى.


(١) يُنظر: "المستصفى" للغزالى (ص ١٩٢) حيث قال: "لا خلاف أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إلا على مذهب مَنْ يجوز تكليف المحال، أما تأخيره إلى وقت الحاجة، فجائز عند أهل الحق خلافًا للمعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب الظاهر".
(٢) يُنظر: "المستصفى" للغزالي (ص ٢٢٤) حيث قال: "واعلم أن اللفظ إما خاص في ذاته مطلقًا؛ كقولك: زيد، وهذا الرجل، وإما عام مطلقًا كالمذكور والمعلوم، إذ لا يخرج منه موجود، ولا معدوم، وإما عام بالإضافة كلفظ: "المؤمنين"، فإنه عام بالإضافة إلى آحاد المؤمنين خاص بالإضافة إلى جملتهم، إذ يتناولهم دون المشركين".

<<  <  ج: ص:  >  >>