للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه بين العلماء، فبعض العلماء يقول: لا بد أن يأكل منها ولو شيئًا قليلًا في مذهب الحنابلة (١)، وأهل الظاهر (٢)، وبعضهم يقول: لو تصدق من جميعها ولم يأكل لجاز له ذلك، ولو أهداها جميعًا لجاز له ذلك؛ لكن الأفضل في ذلك والأَوْلَى أن نتَّبع سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما أُثِرَ عن الصحابة - رضي الله عنهم - في ذلك.

قال بَعْضُ العلماء: لم ينقل خلاف عن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، فيكون قول هؤلاء الصحابة إجماعًا، إذ لم يرد ولم يوقف علَى مَنْ خالفهم من الصحابة.

* قوله: (وقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: ٣٦]).

فسرت بأن "القانع" هو السائل .. و"المعتر" هو: الذي يقابلك ويعترضك في طريقك، ومنهم مَنْ فسر "القانع" بأنَّه هو الذي يقيم في بيتِهِ، ويقبع فيه ولا يخرج، وأن المعترَّ هو السائل، لَكن التفسير الأوَّل هو الذي يكون حُجَّةً لأولئك الذين يرون التقسيم أثلاثًا، وهو يلتقي مع أثر ابن عباس، وأيضًا ما ذكر عن عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - جميعًا.

* قوله: (وَلقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الضَّحَايَا: "كُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَادَّخِرُوا" (٣)).

هذا حديث متفق عليه، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر المُضحِّي بأن يأكلَ ويتصدقَ ويدخر، وفي الآثار التي مرَّت بأنه يهدي، والادخارُ قَدْ يُفْهم منه معنى الإهداء؛ لأن الإنسان إذا ادخر شيئًا، فله أن يُهْدي منه.


(١) سيأتي عند كلام ابن رشد.
(٢) سيأتي عند كلام ابن رشد.
(٣) أخرجه البخاري (٥٥٦٩) ولفظه: "كلوا وأطعموا وادخروا"، ومسلم (١٩٧٣) ولفظه: "كلوا، وأطعموا، واحبسوا"، أو "ادخروا".

<<  <  ج: ص:  >  >>