للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَاخْتَلَفَ مَذْهَبُ مَالِكٍ: هَلْ يُؤْمَرُ بِالأَكْلِ وَالصَّدَقَةِ مَعًا، أَمْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَ أَحَدَ الأَمْرَيْنِ؟ (١)).

مُرَاد المؤلِّف: هل هناك إلزامٌ في مذهب مالك على الجمع بينهما؟ أم أن للإنسان أن يقتصر على الأكل وحده أو على الصدقة وحدها؟

* قوله: (أَعْنِي: أَنْ يَأْكُلَ الكُلَّ، أَوْ يَتَصَدَّقَ بِالكُلِّ؟).

تَكلَّمنا عن أهمية الأضحية وما بها من الفضل، وأن الإنسان إذا ذبح هذه الأضحيَّة، فكَمْ من النفوس التي تشتاق إليها، وتتعلَّق بها، وكَمْ من أُنَاسٍ تمرُّ عليهم الشهور دون أن يطعموا لحمًا، فما أجمل أن يأخذ المسلم قطعةً من هذه الأضحية، أو عدة قطع، فيُوزِّعها على الفقراء والمحتاجين في هذا المقام، وهذه لا شك أنها قربةٌ، وهي فضيلةٌ وصدقةٌ من الصدقات، والله سبحانه وتعالى سيدخر له هذا الجزاء، وسيجده الإنسان مسجلًّا ومدونًا في كتاب الله، فلا تجد صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها في يومٍ هو أحوج ما يكون إلى الحسنة الواحدة.

إذًا، هَذَا عملٌ جليلٌ، ولقد كان الصحابة والسلف - رضي الله عنهم - يُعْنون بهذه الأُمور، وفيما يتعلَّق بالصدقات تجد أنَّ بعضهم يعس في الليل يتفقد أحوال الفقراء، يساعد هذا، ويرفع الحاجة عن هذا، ويساعد المنكوب، ويعين مَنْ أصابه عسرٌ … إلى غَير ذلك.

فَهذِهِ من الأُمُور الَّتي توجدُ رباطًا وثيقًا بين المؤمنين، وهذا هو التكافل الاجتماعي الذي أقامته هذه الدولة الإسلامية بعد أن كان العَرَبُ في تفككٍ وتمزقٍ، وسنشير إلى ذلك - إن شاء الله - عندما نأتي إلى الزكاة. إذًا، هذا عملٌ عظيمٌ، فخيرٌ للمرء أن يأكل؛ لأن هذه أضحيته، فينبغي أن يتمتع منها، ونحن نجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما ذبح، أمَرَ بأن يؤخذ من كل واحدةٍ منها قطعةً، وأن تطبخ، فطبخت فأكل منها - صلى الله عليه وسلم - ومعه


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٢٢) حيث قال: " (و) ندب للمضحي (جمع أكل)، أي: جمع بين أكل منها (وصدقة، وإعطاء) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>