للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي بن أبي طالب، وجاء أنه ذبح خمسًا من البدن، فلم يأكل منها الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

فالأَوْلَى أن الإنسانَ يأكل من أضحيته هو وأهل بيته، ولا ينبغي أن يقطعها وَيَضعها في ثلاجته كما يفعل بعض الناس، وأن يُهْدي إلى أصدقائه وجيرانه؛ لأن الرَّسولَ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "تَهَادوا تَحَابوا" (١)؛ لأنَّ هذه الهدية وإن كانت يسيرةً، فهي مما توثق المودة والمحبة بين المؤمنين، لكن لا ينبغي أن يكون وراء الهدية هدف غير محمودٍ، كذلك أن تعطي الفقراء، فكلُّ هَذَا عملٌ طيبٌ، فمن أَجَلِّ الأقوَال قول مَنْ يرى أنه يُوزِّعها أثلاثًا.

* قوله: (وَقَالَ ابْنُ المَوَّازِ (٢): لَهُ أَنْ يَفْعَلَ أَحَدَ الأَمْرَيْنِ).

ابن المواز هذا من المالكية، ونجد عند الحنابلة (٣)، وكذلك رواية للشَّافعية (٤)، وقول أهل الظاهر (٥): أنه يُوزِّعها ثلاثًا، لكن ليس هذا ملزمًا، المهم أن يوزعها ليأكل منها، وأن يتصدق، وأن يهدي، لكن لو وَزَّعها ثلاثًا لكان أفضل.


(١) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (٥٩٤)، وحَسَّنه الأَلْبَانيُّ في "الإرواء" (٦/ ٤٤).
(٢) يُنظر: "المنتقى شَرْح الموطإ" للباجي (٩٤٣) حيث قال: "وقد روي عن مالكٍ: ولو أن رجلًا تصدق بأضحيته كلها لاستغنائه عنها، ولم يأكل منها شيئًا، لَكَان مخطئًا كما لو أَكَلها ولم يطعم منها. وقال ابن المواز: يستحبُّ له أن يتصدَّق ببعض لحم أضحيته ولو لم يَتَصدَّق بشَيءٍ منه ما جاز له".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ١٩) حيث قال: " (ويستحبُّ أن يأكل من هديه التطوع، ويهدي ولهدي ويتصدق أثلاثًا) ".
(٤) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١٤١) حيث قال: " (ويأكل ثلثًا)، أي: يندب للمضحي عن نفسه ألَّا يزيد في الأكل عليه لا أن المراد ندب أكل ذلك المقدار، إذ السنة ألّا يأكل منها إلا لقمًا يسيرةً يتبرك بها، ودون ذلك أكل الثلث والتصدق بالباقي، ودونه أكل ثلث وتصدق بثلث وإهداء ثلث".
(٥) لكن أهل الظاهر يوجبون ذلك، يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٦/ ٤٨) حيث قال: "فرض على كل مُضحٍّ أن يأكل من أضحيته، ولا بد لو لقمةً فصاعدًا، وفرض عليه أن يتصدق أيضًا منها بما شاء؛ قلَّ أو كثر ولا بد، ومباح له أن يطعم منها الغني، والكافر، وأن يهدي منها إن شاء ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>