للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالجُمْهُورُ (١) عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَلُ فِيهَا، وَهُوَ المَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ (٢)، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الذَّكاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهَا (٣)، وَسَبَبُ الخِلَافِ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلأثَرِ، فَأَمَّا الْأَثَر، فَهُوَ مَا رُوِيَ: "أَنَّ أَمَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهَا فَذَكَّتْهَا بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: كُلُوهَا"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

المؤلف - رحمه الله - لم يذكر الأدلة النقلية التي أوردناها، وإنما بحث المسألة بحثًا عقليًّا، بينما الصحيح ما ذكرناه في الدليلين.

وهذه المسألة مرتبطة بما سبق (٤)؛ لذلك يذكرها العلماء عادةً مع الموقوذة والمنخنقة والمتردية والنطيحة (٥)، لكن المؤلف فصَّلها هنا؛ لأن المالكية يفرِّقون بين تلك الأشياء وبين المريضة (٦).


= وجودها فيه، والحياة المستقرة ما يكون معها حركة اختيارية، وتعرف بالحركة القوية أو تفجر الدم أو القيام".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهي الإرادات"، للبهوتي (٣/ ٤٢٠)؛ حيث قال: " (وما أصابه سبب الموت) … (ومريضة) … ولم يصل إلى ما لا تبقى الحياة معه (فذكاه وحياته تمكن زيادتها على حركة مذبوح حل) أكله".
(١) تقدَّم تفصيل مذاهبهم.
(٢) يُنظر: "حاشية الصاوي" (٢/ ١٧٤)؛ حيث قال: " (وأكل المذكي وإن أيس … (بإضناء مرض) … (بقوة حركة)؛ أي: أن محل أكل ما أيس من حياته بالذكاة أن يصحبها قوة حركة عقب الذبح … ".
(٣) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٢/ ١١٢)؛ حيث قال: " (قوله: إن صحت) المراد بها غير الميئوس منها فالمريضة إذا كانت غير الميؤوس منها فهي كالصحيحة تؤكل بسيلان الدم؛ أي: وإن لم تتحرك، وإذا كانت ميؤوسًا منها ففي إعمال الذكاة فيها خلاف".
(٤) عند قول المصنف: "المسألة الأولى: أما المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع؛ فإنهم اتفقوا فيما أعلم: أنه إذا لم يبلغ الخنق منها أو الوقذ منها إلى حالة لا يرجى فيه أن الذكاة عاملة فيها؛ أعني: أنه إذا غلب الظن أنها تعيش، وذلك بألا يصاب لها مقتل".
(٥) تقدَّم الكلام علي الموقوذة ونحوها في موضعه.
(٦) تقدَّم قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>