وَهَذا الحديثُ هو حديث عُمَر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي نَقَله عن رِسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذي فيه: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لامْرِئٍ مَا نوَى"، ثم قال: "فَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ" (١).
"إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"، أي: ثواب الأعمال إنَّما يكون بالنيات، "وَإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى"، فَإنْ نوَى خيرًا، فَسَيرد ثواب ذلك الخير مرصودًا مُدوَّنًا له في كتاب لا يُغَادر صغيرةً، ولَا كبيرةً إلا أحْصَاها، وإن عمل شرًّا، فسيُجَازى علىً ذلك الشر؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، كلُّ ذَلكَ سيجدُهُ {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)} [الكهف: ٤٩].
والعُلَماء اعتبروا أن هذَا الحديث هو الأصل في هذا، وهو العمدة في الباب.
* عُمُوم قول الله -سبحانه وتعالى-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥]، وقالوا: إن الإخلاص هو عمل القلب، وعمل القلب هو النية، إذًا النية لا بد من توفرها في العبادات، والطهارة عبادة بنوعيها؛ صغرى كانت أم كبرى، فينبغي أن تكون شرطًا.
والَّذينَ قَالوا بعدم اشتراط النية، إنما استدلوا بـ:
* عُمُوم قول الله -سبحانه وتعالى- في آية الوضوء، وقد اشتملت أيضًا على ما يتعلق بالغسل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ}
(١) أخرجه البخاري (١) بلفظ: "إنَّما الأعْمَال بالنيَّات، وإنَّما لكلّ امرئٍ ما نوى، فمَنْ كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُهُ إلى ما هاجر إليه"، ومسلم (١٩٠٧) بلفظ: "إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرقه إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".