للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المعلوم عند الأصوليين: أن قياس المرسل (١) وقياس الشبه (٢) كلها أقيسة ضعيفة، أما القياس القوي فهو قياس العلة، وهو إلحاق فرع لأصل في حكم لعلة تجمع بينهما (٣)، كإلحاقك الأرز بالقمح فهما متفقان في العلة، سواء قلنا هي الطعم أو الكيل أو الوزن وغير ذلك إذن؛ العلة موجودة وهي متوفرة في الفرع والأصل.

• قوله: (عِنْدَ مَنْ أَجَازَه، أَوْ قِيَاسُ شَبَهٍ بَعِيدٍ، وَذَلِكَ أَنَّ القِبْلَةَ هِيَ جِهَةٌ مُعَظَّمَةٌ، وَهَذِهِ عِبَادَةٌ، فَوَجَبَ أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهَا الجِهَة، لَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ عِبَادَةٍ تُشْتَرَطُ فِيهَا الجِهَةُ مَا عَدَا الصَّلَاةَ، وَقِيَاسُ الذَّبْحِ عَلَى الصَّلَاةِ بَعِيدٌ، وَكَذَلِكَ قِيَاسُهُ عَلَى اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ بِالمَيِّتِ).

الله - سبحانه وتعالى - إنما شرط استقبال القبلة في الصلاة فقط، قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤)} [البقرة: ١٤٤]؛ فلا تجوز الصلاة إلا إلى القبلة في الفريضة، ولا يسقط استقبال القبلة إلا لضرورة، أما الذبائح فلا تقاس على الصلاة؛ لأن الجامع بينهما بعيد.


(١) يُنظر: "إرشاد الفحول"، للشوكاني (٢/ ١٨٤)؛ حيث قال: "قال الغزالي: هي أن يوجد معنى يشعر بالحكم مناسب عقلًا، ولا يوجد أصل متفق عليه. وقال ابن برهان: هي ما لا تستند إلى أصل كلي ولا جزئي، وقد اختلفوا في القول بها على مذاهب. الأول: منع التمسك بها مطلقًا. وإليه ذهب الجمهور".
(٢) يُنظر: "شرح مختصر الروضة"، للطوفي (٣/ ٤٢٤)؛ حيث قال: "وقياس الشبه: قيل: إلحاق الفرع المتردد بين أصلين بما هو أشبه منهما … وقيل: الجمع بين الأصل والفرع بوصف يوهم اشتماله على حكمة ما من جلب مصلحة أو دفع مفسدة … وفي صحة التمسك به قولان لأحمد والشافعي - رضي الله عنهما - ".
(٣) يُنظر: "شرح مختصر الروضة"، للطوفي (٣/ ٤٣٦)؛ حيث قال: "قياس العلة هو الجمع بين الأصل، والفرع بعلته، كالجمع بين النبيذ والخمر بعلة الإسكار".

<<  <  ج: ص:  >  >>