للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعضهم قال: إذا ارتد إلى النصرانية تجوز ذبيحته لأنها الأقرب، وهو رأي نقل عن إسحاق بن راهويه (١).

أما إذا ذبح أهل الكتاب مما لم يحرمه الله ولا يحرمونه هم، وسمَّوا الله تعالى فهذا أمر لا خلاف فيه، وكذلك إذا نسوا التسمية عند مَن يرى أن التسمية لا تجب إلا مع الذكر فهذه أيضا يجوز الأكل منها (٢)، حتى لو جهلنا نحن هل سموا أو لم يسموا فنسمي ونأكل (٣)؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - يعلم من هؤلاء أنهم ربما سموا أو أنهم لم يسموا، وربما سموا عليها غير الله، ومع ذلك الله تعالى قال: { … وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}؛ فلا ينبغي لنا أن نتتبع هذه الأُمور ونشغل أنفسنا بالبحث والتنقيب والتفتيش، إن شككت فسمِّ، وإن ترددت فدع هذا الأمر.

• قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي مُقَابِلَاتِ هَذِهِ الشُّرُوطِ؛ أَعْنِي: إِذَا ذَبَحُوا لِمُسْلِمٍ بِاسْتِنَابَتِهِ).

أي: الأشياء التي تقابلهم، فلو أن مسلمًا كلف كتابيًّا أن يذبح له، هذه المسألة تعود إلى النية، فإذا قلنا باشتراط النية في الذبيحة فلا تجوز، لأن النية عبادة والكافر لا تجوز منه العبادة.

• قوله: (أَوْ كَانُوا مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، أَوْ مُرْتَدِّينَ، وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُمْ سَمَّوُا اللَّهَ، أَوْ جُهِلَ مَقْصُودُ ذَبْحِهِمْ، أَوْ عُلِمَ أَنَّهُمْ سَمَّوْا غَيْرَ اللَّهِ مِمَّا يَذْبَحُونَهُ لِكَنَائِسِهِمْ وَأَعْيَادِهِمْ، أَوْ كَانَتِ الذَّبِيحَةُ مِمَّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ بِالتَّوْرَاةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: ١٤٦]، أَوْ


(١) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (٩/ ٣٨٨)؛ حيث قال: "وقال الأوزاعي، وإسحاق: تباح ذبيحته إذا ذهب إلى النصرانية أو اليهودية؛ لأن من تولَّى قومًا فهو منهم".
(٢) تقدَّم نقل الإجماع.
(٣) سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>