للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تستشكل أمر الغسل، ولم تكن تجهل النية، ولم تكن تجهل ما يجب عليها، لكنها سألت سؤالًا محدَّدًا أشكل عليها، فَجَاء جوابُ الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - وافيًا بما سألت عنه، وَزَاد على ذَلكَ؛ لأنها سألت: أأنقض ضفر رأسي؟ فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام: "إنما يكفيكِ أن تحثي على رأسك الماء ثلاث حثيات"، فلا داعي لنقض الضفائر كما بيَّن الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - لهَا، وزادَها: "ثمَّ أَفِيضِي الماء على بدنك"، وحَدد "لا، إنَّما يَكْفيكِ أن تُفِيضِي الماء على رأسك ثلاثًا"، و"إنَّما تحثي على رأسك الماء ثلاث حثيات"، ثمَّ قَالَ: "ثمَّ تفيضي الماء على سائر جسدك" (١)، فهل كل ما يتعلق بالغسل ذكر في الحديث؟

على أن النية شرطٌ في الصلاة عند الحنفية (٢)، فلماذا لا يشترطونها؟ يرد الحنفية بالقول: إن الطهارة ليست عبادةً، ولكنها وسيلةٌ إلى العبادة، وَوَجبت لأجل الصلاة، أما الجمهور (٣) فيرون الطهارةَ عبادةً مطلوبةً بذاتها وإن كانت شرطًا في صحة الصلاة.

قوله: (كَاخْتِلَافِهِمْ فِي الوُضُوءِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ (٤)، وَالشَّافِعِيُّ (٥)،


(١) تقدم تخريجه.
(٢) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي (ص ٦١) حيث قال: "النية عندنا شرط مطلقًا".
(٣) مذهب المالكية يُنظر: في: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ٢٣٣) حيث قال: " (فرائض الصلاة) أي: أركانها … ثالثها (نية الصلاة المعينة) ".
وَمَذْهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ١٤١) حيث قال: " (وأركانها سبعة عشر) .... (الأول النية) لما مرَّ في الوضوء، وجعلها الغزالي شرطًا. قال الرافعي: لأنها تتعلق بالصلاة، فتكون خارجةً عنها، وإلا لتعلقت بنفسها، أو افتقرت إلى نية أُخرى قال: والأظهر عند الأكثرين ركنيتها".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ١٧٥) حيث قال: " (وهي)، أي: النية (شرط) للصلاة"، ويُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (١/ ٣٩٤).
(٤) تقدم قوله.
(٥) تقدم قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>