للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجعنا بهذه الأعمال الطيبة، وبهذه الحسنات الكثيرة، ينبغي ألا نفرِّط فيها وألا نضيع شيئًا منها، بل علينا أن نضيف إلى رصيدنا رصيدًا آخر حتى نَلْقى الله - تعالى - وهو راضٍ عنا.

إنَّ الأعمال إنما هي بالخواتيم (١)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لن يدخل أحدٌ منكم الجنة بعَمَلِهِ" قالوا: ولا أنت يا رسول الله! قال: "ولا أنا إلا أن يتغَمَّدَنِي الله برَحْمتِهِ" (٢)، إذن نحن نعمل الأعمال الطيبة، ونبادر فيها، ونحرص عليها، والتوفيق إنما هو من الله - سبحانه وتعالى -، لكن لا ننسى أنَّ الله تعالى كما قال: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: ٣٠]،

والله - سبحانه وتعالى - لا يضيع أجر المحسنين.

• قوله: (أَعْنِي: أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْإِبَاحَة؛ لِوُقُوعِ الْإمْرِ بَعْدَ النَّهْيِ، وَإِنْ كانَ اخْتَلَفُوا هَلِ الْأَمْرُ بَعْدَ النَّهْيِ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ؟ أَوْ لَا يَقْتَضِيهِ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي عَلَى أَصْلِهِ الْوُجُوبَ؟).

هذه مسألةٌ أصوليةٌ اختلف فيها الأصوليُّون (٣)، هل إذا ورد أمرٌ ثم


(١) جُزء من حديث أخرجه البخاري (٦٦٠٧) وفيه: " … إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم".
(٢) أخرجه البخاري (٥٦٧٣)، ومسلم (٢٨١٦) عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لن يُدْخِل أحدًا عملُه الجنَّة" قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "لا، ولا أنا، إلا أن يتغمَّدَني الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا".
(٣) يُنظر: "المسودة في أصول الفقه" للمجد بن تيمية (ص: ١٦)، حيث قال: "مسألة صيغة الأمر بعد الحظر لا تفيد إلا مجرد الإباحة عند أصحابنا، وهو قول مالك وأصحابه، وهو ظاهر قول الشافعي وبعض الحنفية، وحكاه ابن برهان، وقال أكثر الفقهاء: حكمها حكم ورودها ابتداء، وحكي عن بعض أصحابنا وللشافعية فيه وجهان والثاني اختيار أبي الطيب وذكر أن القول بالإباحة ظاهر المذهب، قال: وإليه ذهب أكثر من تكلم في أصول الفقه. قلت: واختار الجويني في لفظ الأمر بعد الحظر أنه على الوقف بين الإباحة والوجوب … وحكي عن أبي إسحاق الإسفرائيني أن النهي بعد الأمر على الحظر بالإجماع .. ".

<<  <  ج: ص:  >  >>