للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليس في الحديث ذكرٌ للمضمضة، ولا للاستنشاق، ومَنْ وقف عند هذا الحديث قال: إنَّ المضمضة والاستنشاق غيرُ وَاجبَتين.

ومَنْ رأى أن حديث عائشة وميمونة فيهما التنصيص على المضمضة والاستنشاق، وأن ذلك مُتَعيِّنٌ، قوى ذلك بأدلة أُخرى وردت، مِنْ ذَلكَ قول الله سبحانه وتعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦]، وقالوا: إنَّ الوجهَ ما تحصل به المواجهة، والأنف تحصل به المواجهة، وَكَذلك الفم، إذًا، هذا يدل على الوجوب.

ومنها أيضًا هذان الحديثان: "إذا توضأت فمضمض" (١)، "إذا توضَّأ أحدُكُم، فليجعل في أنفه ماءً، ثم لينثر (٢) " (٣).

ثمَّ مُدَاومة الرسول - عليه الصلاة والسلام - فيما مضى.

قوله: (مِنْ صِفَةِ وُضُوئِهِ فِي الطُّهْرِ فِيهَا المَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ، وَحَدِيثُ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ لَا بِمَضْمَضَةٍ وَلَا بِاسْتِنْشَاقٍ).

حَديث أُمِّ سلمة ليس فيه أمرٌ، وما دَام ليس فيه أمرٌ، فينبغي أن نردَّ الأحاديث التي فَصَّلت إلى حديث أم سلمة، فيكون حديثا عائشة وميمونة قد ذكرا الواجبات والمستحبات معًا، أمَّا حديث أم سلمة، فإنه اقتصر على الواجبات فقط، فَقَالوا: لو كانت المضمضة والاستنشاق واجبتين، لنُبِّه عليهما في الحديث، لكن الرسول - عليه الصلاة والسلام - ما نبَّه أم سلمة على ذلك، فدلَّ على عدَم وُجُوبهما.


(١) أخرجه أبو داود (١٤٤)، وغيره، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" "الأم" (١٣٢).
(٢) "النثر": أَنْ يستنشقَ الماء، ثم يستخرج ما فيه من أذًى أو مخاطٍ. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (١٥/ ٥٥).
(٣) أخرجه البخاري (١٦٢)، بلفظ: "إذا توضَّأ أحدُكُم، فليجعل في أنفه، ثم لينثر".
واللفظ الذي ذَكَره الشارح أخرجه أبو داود (١٤٠)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" "الأم" (١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>