للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالجَوابُ عَنْ هذَا: أنَّ سؤالها عمَّا أشكل عليها، ألا وهو نقض الضفائر، فأجابها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما هو أشمل: "إنما يكفيكِ أن تحثي على رأسك الماء ثلاث حثيات"، يعني: تصبُّ ثلاث مرات على رأسها، ثمَّ بعد ذلك تفيضه على سائر جسدها.

قوله: (فَمَنْ جَعَلَ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَمَيْمُونَةَ مُفَسِّرًا لِمُجْمَلِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]، أَوْجَبَ المَضْمَضَةَ وَالاسْتِنْشَاقَ، وَمَنْ جَعَلَهُ مُعَارِضًا، جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ حَمَلَ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَمَيْمُونَةَ عَلَى النَّدْبِ، وَحَدِيثَ أُمَّ سَلَمَةَ عَلَى الوُجُوبِ).

وهَذَا هو سبب الخلاف بين العلماء في المسألة كما بين المصنف.

قوله: (وَلِهَذَا السَّبَبِ بِعَيْنِهِ، اخْتَلَفُوا فِي تَخْلِيلِ الرَّأْسِ، هَلْ هُوَ وَاجِبٌ فِي هَذِهِ الطَّهَارَةِ أَمْ لَا؟)، لا خلافَ بَيْن العُلَماء على وُجُوب مَسح الرأس في الوضوء؛ لقوله سبحانه وتعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، فَاللهُ تَعالَى أمَر بالمسح، ولكن الخلاف الذي وقَع بينهم هو في قدر الممسوح، أهو الرأس كله أم بعضه؟ (١).

وإنَّ الذين يقولون بالبعض اختلفوا أيضًا؛ لأنه ورَد من صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح رأسه كاملًا، بدءًا بمقدمة رأسه، فَذَهب بهما إلى قفاه، ثمَّ ردَّهما إلى المكان الذي بدَأ منه في مقدمة الرأس،


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفى (١/ ٩٩)، حيث قال: "أركان الوضوء … ومسح ربع الرأس مرة".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ٨٨) حيث قال: "الفريضة الثالثة مسح جميع الرأس".
ومذهب الشافعية: "تحفة المحتاج" للهيتمي (١/ ٢٠٩)، حيث قال: "فرضه … مسمى مسح) بيد أو غيرها (لبشرة رأسه)، وإن قل".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (١/ ١٠١) حيث قال: "وفروضه … الثالث: (مسح الرأس كله) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>