للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في آخره حديدة، أي: يلبسه بحديدةٍ فيقذف به الصيد، فإذا أصابه بحده يعتبر عقره، فيحل لك أن تأكل منه، لكن لو ضربَه بعرضه يعتبر ذلك إنما هو ضربٌ بثقله، لأنه لما جاء عرضه جاءت الضربة فأصابته، فكأنه مات من الصدمة فيصبح موقوذًا، والمسألة فيها خلافٌ كما سيأتي.

* قوله: (وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ أَصْلٌ فِي أكْثَرِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ).

والله - تعالى - قال في سورة المائدة: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَة} [المائدة: ٣]، والموقوذة (١): هي التي تضرب بشيءٍ مثقل كحجرٍ كبيرٍ، أو أنْ تضرب بعرْضِ المعراض أو بخشبةٍ أو نحوها، فإنها تقتلها بثِقَلِها لا بجرحها، وأكثر العلماء يشترطون أن يكون الصائد جارحًا (٢).

* قوله: (وَالْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، وَفِيهِ مِنْ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أَصَبْتَ بِقَوْسِكَ فَسَمِّ اللهَ ثُمَّ كُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، وَأَدْرَكتَ ذَكَاتَه، فَكُلْ") (٣).


(١) الموقوذة: المقتولة بعصًا أو حجر أو بالخشب قال قتادة: كانوا في الجاهلية: يضرِبُونها بالعصا، فإذا ماتت أكلوها. انظر: "المطلع على ألفاظ المقنع" للبعلي (ص: ٤٦٨)، و"طلبة الطلبة" للنسفي (ص: ١٠٤).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر:"حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (٦/ ٤٦٢)، حيث قال: "وخمسة في الكلب: أن يكون معلَّمًا، … وأن يقتله جرحًا .. ".
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (٢/ ١٦٤)، حيث قال: "شرط أكله بصيد الجارح أن يدميه الجارح بنابه أو ظفره في عضو".
مذهب الشافعية، يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٣/ ٢٤٤)، حيث قال: "إذا لم يجرح الكلب الصيد، لكن تحامل عليه، فقتله بضغطته، حل على الأظهر".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٦/ ٣٥١)، حيث قال: " (ويعتبر) لحل صيد ذي ناب أو مخلب (جرحه) للصيد؛ لأنه آلة القتل كالمحدد، (فلو قتله) الجارح (بصدم أو خنق (لم يبح) لعدم جرحه كالمعراض إذا قتل بثقله".
(٣) أخرجه مسلم (١٩٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>