للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ، لَمْ يُصِبْهَا المَاءُ، فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ" (١)، وقَدْ صَحَّحَه العلماء (٢).

فَهَذا الحديثُ فيه دقةُ بَيَانٍ، وَصَراحة دلالةٍ على وجوب إيصال الماء إلى الرأس، وهذا لا يتمُّ إلا عن طريق تحريك الشعر، وَكَذلك دَلْكه، وقد عرفنا الخلاف في الدلك.

إذًا، هَذَا الحَديثُ الذي سنسمعُهُ الآن له شَواهدُ أُخْرى تُؤيِّده، وهو الذي يريده المؤلف، فيَقُول: تخليل الشعر؛ لأنَّ العلماءَ بالنِّسبة لغسل الجنابة يقولون: إنَّ المبالغةَ فيها آكَدُ من الوضوء؛ لأنَّ الإنسانَ مطالبٌ أن يوصل الماء إلى مغابن بدنه الخفية منه، وكذلك أيضًا إلى أُصُول الشعر حتى يُعَمم ذلك إلى جميع البدن.

قوله: (وَلِهَذَا السَّبَبِ بِعَيْنِهِ اخْتَلَفُوا فِي تَخْلِيلِ الرَّأْسِ، هَلْ هُوَ وَاجِبٌ فِي هَذِهِ الطَّهَارَةِ أَمْ لَا).

وتخليل الرأس هُوَ إدخال الأصابع في الشعر حتى يطمئن الإنسان إلى أن الماء استوعب رأسه، وَوَصل إلى أصول شعره، فغطَّى البشر، وهذا أمرٌ مطلوبٌ، ولا ينبغي للإنسان أن يتساهل في هذا الأمر، بل عليه أن يبالغ فيه، ويتَّقي الله ربه؛ لأن هذه طهارة.

قوله: (وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ (٣)، وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ).

فَمَالكٌ الَّذي يرَى دَلْكَ الأعضاء، وأنَّه واجبٌ خلافًا للجمهور، يُخَالف الجمهور هنا، فيَرى استحباب التَّخليل لا وجوبه خلافًا للجمهور


(١) أخرجه أحمد في "المسند" (٧٢٧)، وقال الأرناؤوط: إسناده مرفوعًا ضعيف.
(٢) يُنظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (١/ ٣٨٢) قال: "وإسناده صحيح، فإنه من رواية عطاء بن السائب وقد سمع منه حماد بن سلمة قبل الاختلاط".
(٣) يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (١/ ١٧١) حيث قال: "وفضائله (أي: الغسل): …
وتخليل أصول شعر رأسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>