للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، أَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْجَارحِ لَا كلْبٌ وَلَا غَيْرُهُ أَنْ لَا يَأْكُلَ (١). وَاشْتَرَطَه بَعْضُهُمْ فِي الْكَلْبِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ فِيمَا عَدَاهُ مِنْ جَوَارحِ الطُّيُورِ، وَمِنْهُمْ مَنِ اشْتَرَطَهُ كَمَا قُلْنَا فِي الْكُلِّ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ صَيْدِ الْبَازِيِّ وَالصَّقْرِ وَإِنْ أَكَلَ) (٢).

جمهور العلماء من الأئمة الأربعة عدا مالك يرون: أن ما عدا الكلب لو أكل من الصيد فلا يضر، أما الكلب فهو الذي ورد فيه نص


(١) يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (٢/ ١٦٢ - ١٦٣)، حيث قال: " (أو حيوان): عطف على "محدد": أي جرحه بمحدد أو بحيوان (علم) بالفعل كيفية الاصطياد، والمعنى: هو الذي إذا أرسل أطاع وإذا زجر انزجر، ولو كان من جنس ما لا يقبل التعليم عادة كالنمر (من طير) كباز (أو غيره) ككلب".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٥٢) وما بعدها حيث قال: "أما تعليم الكلب فهو أنه إذا أرسل اتبع الصيد، وإذا أخذه أمسكه على صاحبه، ولا يأكل منه شيئًا وهذا قول عامة العلماء. وقال مالك - رحمه الله: تعليمه أن يتبع الصيد إذا أرسل ويجيب إذا دعي، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله حتى لو أخذ صيدًا فأكل منه لا يؤكل عندنا وعنده يؤكل".
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصارى (١/ ٥٥٦)، حيث قال: " (وإذا أكل المعلم، ولو طيرًا من صيد عقيب قتله إياه) أو قبل قتله كما فهم بالأولى من كلامه وصرح به أصله (حرم) لمفهوم قوله تعالى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤]، ولخبر الصحيحين عن عدي بن حاتم: "إذا أرسلت كلبك المعلم وسميت فأمسك، وقتل فكل، وإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه"؛ ولأن عدم الأكل شرط للتعليم ابتداء فكذا دوامًا (وحده) لا ما صاده قبل فلا ينعطف التحريم عليه؛ لأن تغير صفة الصائد كأن ارتد لا يحرم ما صاده قبل فكذا تغير صفة الجارح، أما ما أكل منه بعد قتله بزمان فيحل".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٧٢)، حيث قال: (وإذا أرسل البازي، وما أشبهه فصاد وقتل، أكل، وإن أكل من الصيد؛ لأن تعليمه بأن يأكل)، وجملته أنه يشترط في الصيد بالبازي ما يشترط في الصيد بالكلب، إلا ترك الأكل، فلا يشترط، ويباح صيده وإن أكل منه.
وبهذا قال ابن عباس. وإليه ذهب النخعي، وحماد، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه).

<<  <  ج: ص:  >  >>