للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوضوء يضَع يديه في الماء، ثمَّ يمسح، هَذَا غير كافٍ هنا، فلا بد من البلِّ وإنقاء البشرة، وإنقاء البشرة لا يتمُّ إلا عن طريق إيصال الماء.

هَذَا الحديثُ ضعيفٌ لذاتِهِ، لو أخذناه منفردًا لقلنا بضعفه، ولا يَصْلح الاستدلال به، لكنه لشهرتِهِ، أَوْرَده المؤلف، ولم يعرض للأحاديث الأُخرى التي تؤيد هذا الحديث وتقويه، وبعضها أَحَاديثُ صحيحةٌ، كَحَديث عليٍّ - رضي الله عنه -: "مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يُصِبْهَا المَاءُ"، فأحيانًا يأتي الحديث مفصلًا لشدة الحاجة إليه "مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ"، شعرة واحدة، ولم يقف عند هذا، بل قال: "لَمْ يُصِبْهَا المَاءُ، فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ" (١)، حَيْث يتَرتب على هذا إثمٌ، والإثمُ يترتب عليه عقابٌ، والعقاب إنما هو في النار، وكل إنسانٍ يخشى من عذاب الله -سبحانه وتعالى-، وكل مؤمنٍ يرجو ثواب الله -سبحانه وتعالى-، ويخشى عقابه، فَعَلى المسلم أن يهتمَّ بمسألة الطهارة؛ لكونها مفتاح الصلاة، فيأتي بجميع الأمور على أكمل وجهٍ، فيخلل رأسه ولحيته، ويفيض الماء، ويمر، فيكون على أحسن صورةٍ في عبادةٍ يتقرب بها إلى باريها الطيب الذي لا يقبل إلا طيبًا.

قوله: (المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اخْتَلَفُوا: هَلْ مِنْ شُرُوطِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ الفَوْرُ وَالتَّرْتِيبُ، أَوْ لَيْسَا مِنْ شُرُوطِهَا كَاخْتِلَافِهِمْ في ذَلِكَ فِي الوُضُوءِ؟).

وكَمَا وقَع الخلاف بين العلماء في هاتين المسألتين في الوضوء، وَقَع أيضًا في الغسل، والفور الموالاة، يُقْصد به تتابع أفعال الوضوء من غير تراخٍ أو تفريقٍ، أما الترتيب فهو أن يؤتى بالوضوء مرتبًا، كما في قول الله -سبحانه وتعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ


(١) أخرجه أبو داود (٢٤٩)، ولفظه: عن عليٍّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ تركَ مَوْضع شعرةٍ من جنابةٍ لم يغسلها، فعل بها كذا وكذا من النار"، قال عليٌّ: فَمن ثمَّ عاديت رأسي ثلاثًا، وكان يجز شعره … وضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>