للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦]، والفور يرى وجوبه الحنابلة (١)، والمالكية في روايةٍ، وفي المشهور عنهما (٢)، أما الترتيب فيوجبه الحنابلة (٣) والشافعية على تفصيل (٤).

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ: هَلْ فِعْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَحْمُولٌ عَلَى الوُجُوبِ أَوْ عَلَى النَّدْبِ بِهِ (٥)؟ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ مَا تَوَضَّأَ قَطُّ إِلَّا مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا).

وَسَببُ الخلَاف في الأصل هو أنَّه لم يُنْقل عن الرسول - علَيه الصلاة والسلام- إلا أنه تَوَضَّأ مُرتِّبًا وضوءه، وكان يُوَالي بينها، وأنه أيضًا


(١) يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (١/ ١٨١) حيث قال: " (وتسن موالاة) في غسل؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تجب كالترتيب؛ لأن البدن شيء واحد".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ٩٠) حيث قال: "الفريضة السادسة الموالاة على أحد المشهورين".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٥٠) حيث قال: "فروضه … الخامس (الترتيب) بين الأعضاء".
(٤) مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٣٤) حيث قال: " (الفرض السادس: الترتيب) في أفعاله؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - المبين للوضوء".
(٥) يُنظر: "قواطع الأدلة" للسمعاني (١/ ٣٠٣، ٣٠٤)، حيث قال: "أفعاله على ثلاثة أضرب:
أحدها: حركاته التِي تدور عليها هواجس النفوس؛ كتَصرُّف الأعضاء وحركات الجسد، فلا يتعلق بذلكَ أمرٌ باتباعٍ، ولا نهي عن مخالفة.
والضرب الثاني: أفعاله التي لا تتَعلق بالعبادات؛ كأحواله في مأكله ومشربه وملبسه ومنامه ويقظته، فيدل فعل ذلك على الإباحة دون الوجوب.
وأما الضرب الثالث: ما اختص بالديانات، وهُوَ على ثلاثة أضرب.
أحدها: ما يكون بيانًا.
والثاني: ما يكون تنفيذًا وامتثالًا.
والثالث: ما يكون ابتداء شرع، فأما البيان فحكمُهُ مأخوذٌ من المبين، فإن كان المبين واجبًا، كان البيان واجبًا، وإنْ كان ندبًا، كان البيان ندبًا، ويعرف أنه بيان بأن يصرح بأنه بيان كذلك، ويعلم في القرآن أنها مجملة تفتقر إلى البيان، ولم يظهر بيانها بالقول، فنعلم أن هذا الفعل بيان لها، والثاني أن يفعل امتثالًا وتنفيذًا له".

<<  <  ج: ص:  >  >>