للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأى رجلًا في قدمه قَدْر ظفرٍ لم يُصبْه الماء، فقال له: "أَحْسِنْ وضوءَك" (١)، فَعَاد الرجل فتوضَّأ ثم صلَّى، والأحاديثُ كثيرةٌ في هذا، كما أن عُمَر عندما رأى رجلًا فيه شيءٌ من ذلك، أمَره أن يعيدَ الوضوءَ، وأن يُصلِّي (٢).

وَوِجْهَةُ الَّذين قَالُوا بعدَم المُوَالاة: أنَّ عبد الله بن عمر كان في السُّوق، فَغَسل وجهه ويديه، ومسح برأسه، ثم دُعِيَ إلى جنازةٍ، فدخل ومضى وقت، ثم بعد ذلك مسح على قدميه، ثم صلَّى على الجنازة (٣).

فَمَنْ نَظرَ إلى فِعْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَحَمله على الوُجُوب، قال بالوُجُوب، ومَنْ حمَله على الندب، قال بالندب.

قوله: (وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي هَذِهِ الطَّهَارَةِ أَبْيَنُ مِنْهَا فِي الوُضُوءِ، وَذَلِكَ بَيْنَ الرَّأْسِ وَسَائِرِ الجَسَدِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: "إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَتَيَاتٍ" (٤)، "ثُمَّ تُفِيضِي المَاءَ عَلَى جَسَدِكِ"، وَحَرْفُ "ثُمَّ" يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ (٥)).

وهَذَا الذي رجَّحه المؤلف غير مُسلَّمٍ به؛ لأن الجواب جاء على قدر


(١) أخرجه مسلم (٢٤٣) بلفظ: "ارجع فأحسن وضوءك".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١/ ٣٦)، عن أبي قلابة، أن عمر بن الخطاب "رأى رجلًا يصلي وقد ترك من رجليه موضع ظفرة، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة".
(٣) أخرجه مالك في "الموطإ" (١/ ٣٦) (٤٣)، عَنْ نافع، أن عبد الله بن عمر "بال في السوق، ثم توضأ، فغسل وجهه، ويديه، ومسح رأسه"، ثم دعي لجنازة ليصلي عليها حين دخل المسجد، "فمسح على خُفَّيه، ثم صلى عليها".
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) يُنظر: "الجنى الداني في حروف المعاني" لابن قاسم المرادي (ص ٤٢٦) حيث قال: " (ثم) حرف عطف، يشرك في الحكم، ويفيد الترتيب بمهلة. فإذا قلت: قام زيد ثم عمرو، آذنت بأن الثاني بعد الأول بمهلةٍ، هَذَا مذهب الجمهور، وما أوهم خلاف ذلك تأولوه". وانظر: "همع الهوامع في شرح جمع الجوامع" للسيوطي (٣/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>