للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الَّذِي أُصِيبَ بِهِ الصَّيْدُ مَبْدَؤُهُ مِنَ الصَّائِدِ لَا مِنْ غَيْرِهِ) (١).

يعني: فقد ينطلق الكلب للصيد وهو يريد أن يصيد لصاحبه، فلماذا نقول إذا أرسله صاحبه جاز الأكل منه، وإذا استرسل من قِبَل نفسه لا يجوز (٢)؛ لأنه تخلفت شروطٌ أخرى، من هذه الشروط: النية القصد، لأنك عندما ترسل سهمًا أو ترسل كلبًا أو فهدًا إلى صيد، فإنك تقصد ذلك الصيد أي تنويه، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما الأعمال بالنيات" (٣) ووضع العلماء القاعدة الفقهية الكبرى المشهورة: الأمور بمقاصدها (٤)، والقصد إنما هو عمل القلب، إذن لا بد من القصد.

الشرط الثاني: أن تذكر اسم الله عليه، كما قال الله سبحانه وتعالى: {مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} [المائدة: ٤] والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله" "إذا أرسلت قوسك وذكرت اسم الله" (٥) إذن كونه ينطلق من ذات نفسه لا تأكل منه؛ لتخلف شرطين أساسيين بالنسبة للصيد، والعلماء نصوا على أنه ينبغي أن تكون النية والتسمية عند إرسال الجارح أو السهم، أما بالنسبة للتسمية خلافًا للشافعية، فالشافعية لا يشترطون ذلك، وهناك تفصيلٌ عند الأئمة


(١) يُنظر: "حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني" (١/ ٥٨٩)، حيث قال: "يشترط في المصاد به إذا كان حيوانًا ثلاثة شروط … وأن يكون مرسلًا من يد الصائد".
(٢) تقدَّم الكلام على هذا الشرط.
(٣) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧).
(٤) يُنظر: "الأشباه والنظائر" لتاج الدين السبكي (١/ ٥٤)، حيث قال: "القاعدة الخامسة: الأمور بمقاصدها وأرشق وأحسن من هذه العبارة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" ومن ثم وجوب النية حيث تجب. وقاعدة النية طويلة الذيل … قال الإمام في الأساليب: "موضوع اللفظ يحتمل النية بالإجماع كلفظ العين والقرء إذا نوى أحد مسمياته، واللازم لا يحتملها إجماعًا". وانظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص:٨).
(٥) أخرجه البخاري (١٧٥)، ومسلم (١٩٢٩/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>