للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينشلي يعني: ينطلق من تلقاء نفسه.

قوله: (وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْعَقْرِ مَنْ لَيْسَ عَقْرُهُ ذَكَاةً).

مثل هذه المسائل ننتبه لها جيدًا، فهذه العبارة جاءت مجملة، يعني: لو أن الكلب انطلق مثلًا إلى صيدٍ فجرحه، ثم جاء إنسان فذبحه، أصبح مباحًا؛ لأنه تمت التذكية، لكن لو شاركه كلبٌ أو كلابٌ أخرى حينئذٍ لا تأكل؛ لأنك لا تدري هل الذي جرحه هو كلبك أو كلب غيرك (١)، فهذا الكلب الذي سميت عليه لا تطمئن إليه وكذلك لو أنك أرسلت كلبك فغاب عنك ثم وجدت صيدًا، فإن وجدت فيه علامة سهم، لو أن كلبك موجود عندك وأنه لم يشركه أحد، فهذه فيها خلاف بعض العلماء يجيز ذلك وبعضهم يمنع، أما لو وجدت كلابًا أخرى فلا يجوز لك أن تأكل، ولو وجدت آثار سهام لغيرك فلا تأكل، هذه كلها مسائل يدقق فيها العلماء، وكل ذلك دفعهم إليه الحرص - رحمهم الله - تعالى خشية أن يقع الإنسان في حرام؛ لأن الحرام لا يجوز للإنسان أن يأكل منه، "لأن الله - تعالى - طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا" (٢)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات" (٣) وفي رواية: "مشبَّهات


(١) يُنظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: ١١٩)، حيث قال: "أن لا يشاركه في العقر ما ليس عقره ذكاة كغير المعلم فإن تيقن أن المعلم هو المنفرد بالعقر أكل وإن تيقن خلاف ذلك أو شك لم يؤكل وإن غلب على ظنه أنه القاتل ففيه خلاف وإن أدركه غير منفوذ المقاتل فذكاه أكل مطلقًا".
(٢) معنى حديث أخرجه مسلم (١٠١٥) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، … " الحديث.
(٣) أخرجه مسلم (١٥٩٩/ ١٠٧) عن النعمان بن بشير، قال: سمعته يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول - وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه -: "إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه، وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".

<<  <  ج: ص:  >  >>