للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعلمها" (١) أو "لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " وفي رواية: "فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى" يعني: لما يأت الراعي إلى مكانٍ قد حماه غيره وضع عليه ما يحميه، فالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، فلا تضمن ما معك من إبل، أو ما معك من بقر، أو ما معك من غنم، أن تتجاوز ذلك، فتعتدي على هذا الذي حماه غيرك، فإذا وقعت في الشبهات ربما وقعت في الحرام، والمسلم دائمًا عليه أن يتجنب الحرام، بل الرسول - صلى الله عليه وسلم - نبهنا إلى أمرٍ دقيق قال: "دع ما يَريبك إلا ما لا يَريبك" (٢) فكل أمرٍ تشك فيه أو لا تتيقن منه، فعليك أن تتركه إلى أمرٍ تتيقن أنه حلال أو أنه الصواب.

قوله: (وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا يَشُكَّ فِي عَيْنِ الصَّيْدِ الَّذِي أَصَابَه، وَذَلِكَ عِنْدَ غَيْبَتِهِ عَنْ عَيْنِهِ) (٣).


(١) أخرجه البخاري (٥٢) ومسلم (١٥٩٩) واللفظ له عن النعمان بن بشير، يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات: كراع يرعى حول الحمى، يوشك أن بواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٦/ ٤٦٩)، حيث قال: "والسابع: أن لا يتوارى عن بصره أو لا يقعد عن طلبه فيكون في طلبه، ولا يشتغل بعمل آخر حتى يجده، لأنه إذا غاب عن بصره ربما يكون موت الصيد بسبب آخر فلا يحل … إلخ". وانظر: "المبسوط" للسرخسي (١١/ ٢٢٢).
مذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٣/ ١٣)، حيث قال: " (ص) أو بات (ش) المشهور أن الصيد إذا بات عن صاحبه ثم وجده من الغد فيه أثر كلبه أو وجد سهمه في مقاتله وعرفه والصيد ميت لم يؤكل ولو جد في اتباعه لأن الليل يخالف النهار في أن الهوام تظهر فيه فيجوز أن يكون قد أعان على قتله شيء منها بخلاف النهار لأن الصيد يمنع نفسه فيه فالمراد بالبيات المدة الطويلة التي بحيث يعلم أنه لو عدا عليه شيء لأثر فيه". =

<<  <  ج: ص:  >  >>