للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلِ، أَعْنِي: إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنَ الْجَارحِ حَتَّى مَاتَ؛ لِتَرَدُّدِ هَذ الْحَالِ بَيْنَ أَنْ يُقَالَ: أَدْرَكَهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ، وَفِي غَيْرِ يَدِ الْجَارِحِ، فَأَشْبَهَ الْمُفَرِّطَ أَوْ لَمْ يُشْبِهْهُ فَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ، وَإِذَا كَانَتْ هَذ الشُّرُوطُ هِيَ أُصُولَ الشُّرُوطِ الْمُشْتَرَطَةِ).

هذه مسألة سيعود إليها مرة أخرى ونفصلها.

قوله: (فِي الصَّيْدِ مَعَ سَائِرِ الشُّرُوطِ الْمَذْكورَةِ فِي الْآلَةِ وَالصَّائِدِ نَفْسِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي يَجِبُ أَنْ يُذْكَرَ مِنْ مَا مَا اتَّفَقُوا مِنْهُ عَلَيْهِ وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَأَسْبَابُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا مِنْ مَشْهُورِ مَسَائِلِهِمْ).

يعني: المؤلف سيذكر هذه المسائل مرةً أخرى، وسيورد أدلتها وأسباب الخلاف، ما الفائدة من ذكر سبب الخلاف، فعندما يذكر أسباب الخلاف نقف على توجيهات العلماء، لنتبين أن العلماء - رحمهم الله - عندما يختلفون في مسألةٍ من المسائل، ليس ذلك رغبةً في الاختلاف ولكنه في الحقيقة اختلاف ينتهي إلى وفاق، وقد يسأل سائل ويقول: كيف اختلاف وينتهي إلى وفاق، نعم ينتهي إلى وفاق؛ لأن هؤلاء الأئمة وغيرهم من العلماء الأعلام الذين وقَّفوا حياتهم وأفنوا أعمارهم في خدمة دين الله سبحانه وتعالى وفي الدفاع عنه، إنما كان غايتهم من خدمة هذا الفقه، هو أن يصلوا إلى الحق، وأن يبلغوا الغاية من ذلك، وهم في ذلك يدورون في فلك كتاب الله - عز وجل -، وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو قال أحدهم قولًا وتبين أن الحق في غيره، فسرعان ما يرجع إليه ويترك قوله، ولذلك أُثر عن الإمام الشافعي أنه قال: "إذا صح الحديث فهو مذهبي" (١)، والإمام


(١) يُنظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (١٠/ ٣٥)، حيث قال: "قال الشافعي: "إذا صح الحديث فهو مذهبي، وإذا صح الحديث، فاضربوا بقولي الحائط".
وللامام تقي الدين السبكي رسالة تناول فيها كلمة الشافعي هذه بالشرح والبيان، وما يجب أن تحمل عليه وتقيد به سماها "معنى قول المطلبي إذا صح الحديث فهو مذهبي".

<<  <  ج: ص:  >  >>