للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أما الشافعية (١) فيرون أنها سُنَّة فلو أن إنسانًا تركها متَعَمِّدًا فإن ذبيحته صحيحة لكنه خالف السُّنَّة وكذلك الحال بالنسبة للصيد، والذين أوجبوا التسمية عملًا بقوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: ٤] وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "إذا أرسلتَ كلْبكَ المعلَّم وذكرتَ اسمَ الله" (٢) فالكتاب والسنة دلا على التسمية وهي متعينةٌ، فلا ينبغي للمسلم أن يتركها على ذبيحةٍ أو صيد.

قوله: (وَمَنْ قَبِلَ اشْتَرَاطَ النِّيَّةِ فِي الذَّكَاةِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ مَن اشْتَرَطَهَا إِذَا أَرْسَلَ الجَارِحَ عَلَى صَيْدٍ، وَأَخَذَ آخَرُ ذَكَاةَ ذَلِكَ الصَّيْدِ الَّذِي لَمْ يُرْسِلْ عَلَيْهِ).

يعني: كأن يرسل كَلْبًا على صيدِ مُعَيَّنٍ، فيصيد غيره، فإنه كما ذكر المؤلف هنا، لا يحل ذلك والمسألة فيها خلاف، وليس على إطلاقه.

قوله: (وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ (٣). وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٤)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٥)،


(١) يُنظر: "حاشية البجيرمي على شرح المنهج" (٤/ ٢٨٧)، حيث قال: "ويحصل أصل السنة بكل بل وبالتسمية بينهما شوبري فلو ترك التسمية ولو عمدًا حل؛ لأن الله تعالى أباح ذبائح أهل الكتاب بقوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] وهم لا يذكرونها".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "التهذيب في اختصار المدونة" للبراذعي (٢/ ١٣)، حيث قال: " [قال مالك:] وإن أرسل كلبه على صيد فأخذ غيره لم يؤكل".
(٤) يُنظر: "البيان" للعمراني (٤/ ٥٥٤)، حيث قال: "وإن أرسل كلبًا على صيد بعينه فأصاب غيره فقتله، .. حل أكله لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما ردت عليك قوسك .. فكل". وإن أرسل كلبًا على صيد بعينه فأصاب غيره فقتله، فإن كان في سمته وسننه حل أكله، وبه قال أبو حنيفة".
(٥) "بدائع الصنائع " للكاساني (٥/ ٥٠)، حيث قال: "ولو رمى صيدًا بعينه أو أرسل الكلب أو البازي على صيد بعينه فأخطأ فأصاب غيره يؤكل، وكذا لو رَمَى ظبيًا فأصاب طيرًا أو أرسل على ظبي فأخذ طيرًا؛ لأن التعيين في الصيد ليس بشرط".

<<  <  ج: ص:  >  >>