للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى وقفات، وإذا تأملنا في العقيقة نجد أنها تجوز هذه الذبيحة، ولكن هناك من يجعلها قربانًا لآلهته، فمن يذبح لغير الله فقد أشركَ شِرْكًا أكبر، ومن يذبح لله فهذه قربةٌ لله، فإذا رزق الله سبحانه وتعالى الإنسان بمولود ذكرًا أو أنثى، فإنه يُدخِلُ عليه البهجة والسرور والفرحة؛ لأن كل إنسان في هذه الحياة يسعد بأن يوفقه الله سبحانه وتعالى بعددٍ من البنين والبنات، ولا يدرى أين الخير فيه، ولا ينبغي أن يكون المسلم كما قال الله في شأن الجاهليين: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨)} [النحل: ٥٨]، فهذه الشاة التي تذبحها أو الكبش، أولًا: اعترافًا بفضل الله سبحانه وتعالى عليك؛ لأنه أنعم عليك بهذا المولود أو المولودة، والله - تعالى - يقول: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: ٧]، فهذه فرحة وسرور وبهجة بأن الله سبحانه وتعالى يهب لك غلامًا أو جارية، فتقابل ذلك بأن تذبح هذه الذبيحة لتكون ذلك قربانًا تتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، وأضرب مثالًا: الإنسان إذا ذهب حاجًّا أو معتمرًا، يطوف بالبيت العتيق، أليس هذا البيت يبنى من حجر ومن غيره، فالله سبحانه وتعالى جعل الطواف بالبيت فرضًا من فروض الإسلام، فرضًا من فروض الحج، وجعل الطواف بالقبور شركًا أكبر لا يجوز للإنسان أن يفعله، فالعبادات توقيفية لا يجوز للمسلم أن يخترع من عند نفسه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اياكم ومحدثات الأمور، فإنَّ كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار" (١) ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "من عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" (٢) فكل والد في هذه الحياة أبًا كان أو أُمًّا تكون سعادته بسعادة أولاده، فهو يسعد بسعادتهما ويشقى بشقاوتهما، يسهر الليل من أجلهما ويبذل ذوبُ قلبه وطاقة جِسْمه، في جمع المال للإنفاق عليهما، وأذكركم بقصة هاجر مع ابنها إسماعيل عليهما السلام، عندما كان نبِيُّ الله إبراهيم الخليل - عليه السلام - أتى بطفله الرضيع وبزوجته هاجر ثم يتركهما بواد غير ذي زرع، ليس فيه إنسان ولا نبات ولا حيوان، تركهما في ذلك


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (١٧١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>