للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لماذا قال أهل الظاهر والحسن البصري أنها واجبة؟ والجواب: لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر فاطمة - رضي الله عنها - أن تحلِقَ رأسَ ابنَيْهَا، وأن تتصدق بوزنهما (١)، وجاء أيضًا أنه "يُذبح عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة واحدة" (٢)، قالوا: ففي هذا دليل على وجوبها، وكذلك لما "سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة فبَيَّن أنه يَكْرَهُ العُقوقَ" (٣)، أي: يكره الاسم، لكنه - عليه الصلاة والسلام - أمر بذلك، فهم فَهِمُوا من ذلك الوجوب، أما جمهور العلماء فيرون أنها ليست بواجبة، وأنها سُنَّة؛ لأن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلُّ مَولُودٍ مَرْهونٌ" (٤) وفي رواية "رَهينةٌ بعَقيقتِه تُذبح عنْه يوم سابِعِه، ويُحْلق رأسه ويُسَمَّى" (٥) هذا دليل آخر، والرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن العقيقة قال: "أكره العُقوقَ، فمن ولد له مَولود فأحب أن ينسُكَ عنه فليفعلْ" (٦)، فدل ذلك على الاستحباب، والذين قالوا: إن ذلك من أمور الجاهلية لعلهم لم يقفوا على تلك الأحاديث أو لم تصح عندهم.

* قولُهُ: (وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا وَلَا سُنَّةً، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ تَحْصِيلَ مَذْهَبِهِ أَنَّهَا عِنْدَهُ تَطَوُّع (٧)).

نُقل عن أبي حنيفة أنه قال: إنها أمر من أمور الجاهلية؛ لأن ذلك


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه الترمذي (١٥١٣) ولفظه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاةٌ". وصححه الألباني في "الإرواء" (١١٦٦).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٨٤٢) ولفظه: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة؟ فقال: "لا يُحِبُّ الله العُقوقَ". وحسنه الألباني.
(٤) هذا اللفظ أقف عليه، وإنما الوارد مرتهن ورهين ورهينة.
(٥) أخرجه أبو داود (٢٨٣٨). وصححه الألباني.
(٦) تقدَّم تخريجه.
(٧) يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٦/ ٣٣٦)، حيث قال: "ثم يعق عند الحلق عقيقة إباحة على ما في الجامع المحبوبي، أو تطوعًا على ما في شرح الطحاوي".

<<  <  ج: ص:  >  >>