للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَدُنْ حكيم خبير هو العالم بشؤون عباده وما تستقيم به أمورهم وما تصلح به أحوالهم.

* قولُهُ: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ تَعَارُضُ مَفْهُومِ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ سَمُرَةَ، وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ" (١)).

"كُلُّ" من صيغ العموم، لكن ليس ذلك على إطلاقها كما يدعي أولئك الذين احتجوا بقول الله سبحانه وتعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى} أو {لَّا تُرى} في القراءة الأخرى {إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: ٢٥] واستدلوا بذلك لجهلهم على أن القرآن مخلوق، هذا كله غير صحيح، لأن المراد: تُدمر كل شيء يقبل التدمير، أما القرآن فهو كلام الله سبحانه وتعالى منذ بدأ وإليه يعود تكلم الله سبحانه وتعالى فيه بصوت، ونزل به جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن كان في اللوح المحفوظ فتلقَّاه الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - من جبريل وكان ينزل عليهم مرارًا ليذاكره، أي: يعرض عليه القرآن، وهذه مسألة عقدية معروفةٌ ليس هناك مجال لتفصيلها.

إذن: "كل مولد مرتَهِنٌ" يعني: محبوس بعقيقتِهِ، أي: الإنسان ينتظر المولود فهو يحاول أن يغنيه فكأن هو محبوس، فإذا ما ذبحت عنه هذه الذبيحة زال ذلك القيد (٢) وكان ذلك تحصينًا وسلامة له من الشيطان، وبعضهم يفسر ذلك بتفسير آخر أي: أنه محبوس عن الشفاعة لوالديه، إلا أن تُذبح له هذه العقيقة، وقد ضعف بعض العلماء (٣) ذلك مع أنه نُقل


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٥٩٤)، حيث قال: "وقيل معناه أن العقيقة لازمة لا بد منها فشبه المولود في لزومها وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن".
(٣) ممن ضعف هذا المعنى ابن القيم، فقال: "فقالت طائفة هو محبوس مرتهن عن الشفاعة لوالديه كما قال عطاء وتبعه عليه الإمام أحمد، وفيه نظر لا يخفى، فإن شفاعة الولد في الوالد ليست بأولى من العكس، وكونه والدًا له ليس للشفاعة فيه، وكذا سائر القرابات والأرحام". انظر: "تحفة المودود بأحكام المولود" (ص: ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>