للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجب الحدَّ، أمَّا الإنزال فأمرٌ آخر، إذ إن مجرَّد الإنزال موجبٌ للغسل؛ سواء كان ناتجًا عن جماع آدمية - حية أو ميتة، كبيرة أو صغيرة - أو بهيمة إلا عند الأحناف (١)، حيث يرون فقدان اللذة في جماع الكبيرة والميتة، وقَدْ رد عليهم العلماء بقصة العجوز الشوهاء مقطعة الأيدي والأرجل (٢).

قوله: (وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ: مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ (٣)، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ (٤)، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ (٥)، وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ إِلَى إِيجَابِ الطُّهْرِ مَعَ الإِنْزَالِ فَقَطْ) (٦).


(١) مذهب الحنفية، ينظر في: "الدر المختار" للحصكفي (١/ ١٦٦) حيث قال: " (و) لا عند (وطء بهيمة أو ميتة أو صغيرة غير مشتهاة) بأن تصير مفضاة بالوطء وإن غابت الحشفة".
(٢) يُنظر: "المجموع" للنووي (٢/ ١٣٧) حيث قال: "واحتج أبو حنيفة في منع الغسل بإيلاجه في بهيمة وميتة بأنه لا يقصد به اللذة، فلم يجب كإيلاج أصبعه …
والجواب عن دليلهم من وجهين:
أحدهما: أنه منتقض بوطء العجوز الشوهاء المتناهية في القبح العمياء الجذماء البرصاء المقطعة الأطراف، فإنه يوجب الغسل بالاتفاق مع أنه لا يقصد به لذة في العادة.
والثاني: أن الأصبعَ ليست آلةً للجماع، ولهذا لو أَوْلَجها في امرأة حية، لم يجب الغسل بخلاف الذكر، والله أعلم".
(٣) سيأتي.
(٤) سيأتي.
(٥) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٢٤٧) حيث قال: إيلاج الحشفة أو إيلاج مقدارها من الذكر الذأهب الحشفة، والذاهب أكثر من الحشفة - في فرج المرأة الذي هو مخرج الولد منها بحرام أو حلالٍ، إذا كان بعمدٍ أنزل أو لم ينزل، فإن عمدت هي أيضًا لذلك، فكذلك أنزلت أو لم تنزل، فإن كان أحدهما مجنونًا أو سكرانًا أو نائمًا أو مغمًّى عليه أو مكرهًا، فليس على مَنْ هذه صفته منهما إلا الوضوء فقط إذا أفاق أو استيقظ إلا أن ينزل، فإن كان أحدهما غير بالغ، فلا غسل عليه، ولا وضوء، فإذا بلغ، لزمه الغسل فيما يحدث لا فيما سلف له من ذلك والوضوء".
(٦) يُنظر: "المُحلَّى" لابن حزم (١/ ٢٤٩) حيث قال: "وممَّن رأى أَنْ لا غسل من الإيلاج في الفرج إنْ لم يكن أنزل: عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله … وبعض أهل الظاهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>