للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْني أن جمهور الفقهاء (١) على الرأي القائل بوُجُوب الغسل بمجرد تغييب الحشفة؛ أنزل أو لم ينزل، ولكن هذا الذي ذَكَره عن داود نُقِلَ أيضًا عن بعض الصحابة، كعثمان بن عفان، وعليِّ بن أبي طالب، وأُبيِّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبي سعيد الخدري، هؤلاء نُقِلَ عنهم، كما حُكِيَ عن الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيدالله إلا أن العلماءَ يقولون: إنَّ بعضَ هؤلاء الصحابة رَجَعوا عن هذا القول (٢)؛ لأنَّه جَاءت أحاديثُ كثيرةٌ تدل على أن ذلك كان في أول الأمر، "الماء من الماء" (٣)، وَكَانَ هذا قبل عام الفتح، ثم بعد ذلك أصبح من الْتقَاء الختانين.


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي (ص ٢٧) حيث قال: " (وفرض) الغسل (عند) خروج (مني) … (و) عند (إيلاج حشفة) … (وإن لم ينزل) منيًّا بالإجماع".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ١٢٧) حيث قال: " (و) يجب غسل ظاهر الجسد (بمغيب حشفة) أي: رأس ذكر (بالغ)، ولو لم ينتشر أو لم ينزل".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٦٤) حيث قال: "باب الغسل موجبه إدخال حشفة … (أو) بإدخال (قدرها) من فاقدها (في فرج ولو) من غير مشتهى أو (دبر أو بحائل) كخرقة لفها على ذكره ولو غليظة، لخبر "الصحيحين": "إذا التقى الختانان، فقد وجب الغسل"، وفي روايةٍ لمسلم: "وإن لم ينزل".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (١/ ١٦٤) حيث قال: " (الثالث): التقاء الختانين، أي: تَقَابلهما وتَحَاذيهما بتغييب الحشفة في الفرج".
(٢) يُنظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (١/ ٢٤٩) حيث قال: "وأمَّا كل موضعٍ لا ختان فيه، ولا يمكن فيه الختان، فلم يأت نصٌّ ولا سنةٌ بإيجاب الغسل من الإيلاج فيه، وممن رأى أنْ لا غسل من الإيلاج في الفرج إن لم يكن أنزل: عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود ورافع بن خديج وأبو سعيد الخدري وأبي بن كعب وأبو أيوب الأنصاري وابن عباس والنعمان بن بشير وزيد بن ثابت وجمهور الأنصار - رضي الله عنهم -، وعطاء بن أبي رباح وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهشام بن عروة والأعمش وبعض أهل الظاهر".
(٣) أخرجه مسلم (٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>