للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ تَعَارُضُ الأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ).

وممَّا ورد في ذلك حديث زيد بن خالد الجهني الصحابي الذي سأل عثمان بن عفان - رضي الله عنهما - عن الرجل يُجَامع أهله، ولم يُمْنِ، هل يغتسل؟ فأجَابه عثمان - رضي الله عنه -: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذَكَره، ثمَّ قال عثمان: سَمعتُهُ من رسول الله (١)، فزيد بن خالد الجهني الصحابي أشكل عليه الأمر، فَذَهب إلى الصحابي الجليل عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يسأله عن ذلك، فَقَال: إذا جامع الرجلُ أهلَه ولم يُمْنِ، هل يغتسل؟ فأجابه عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكَره.

وَالصَّحَابةُ من أكثَر الناس حرصًا على التوثُّق في الأمور، وكلُّهم عدولٌ، رْكَّاهم المَولى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨]، {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩]، والرسول - عليه الصلاة والسلام - يَقُولُ: "اللَّهَ اللَّهَ في أصحَابي، فَوَالله، لَوْ أنفقَ أحدُهُم مثل أُحُدٍ ما بلغ مُدَّ أحَدهم ولَا نصيفه (٢) " (٣).

يَقُولُ ابْنُ مسعودٍ - رضي الله عنه -: "مَنْ كان مستنًّا، فليستن بمَنْ قد مات، فإن الحيَّ لا تؤمن عليه الفتنة" (٤)، أولئك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وزيدٌ بعد أخذه بقول عثمان، أراد أن يطمئن؛ لأنه قد يكون عند بعض الصحابة ما ليس عند عثمان - وهذا واقع - فذهب إلى علي بن أبي


(١) أخرجه البخاري (١٧٩)، ومسلم (٣٤٧).
(٢) قوله: "مُد أحدهم، ولا نصيفه": يقول: لو أنفق أحدكم ما في الأرض ما بلغ مثل مدَّ يتصدق به أحدهم، أو ينفقه، ولا مثل نصفه. انظر: "غريب الحديث" للقاسم بن سلام (١/ ٣٧٩).
(٣) أخرجه البخاري (٣٦٧٣) بلفظ: "لا تسبُّوا أَصْحَابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم، ولا نصيفه"، ومسلم (٢٥٤٠).
(٤) أخرج البغوي في "شرح السُّنة" (١/ ٢١٤) قريبًا من الأثر المذكور عن ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>