للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالب قال -يعني: زيد بن خالد- فسألت علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأُبَيَّ بن كعب، فأَمَرُوني بذلك (١)، وفي بعض الروايات: فأَمَروه بذلك (٢)، يعني: وَافَقوا عثمانَ بما فعل، يعني: كان رأيهم موافقًا لرأي عثمان، ثمَّ جاء بعد ذلك علماء، فَنَقلوا أنَّ بعض هؤلاء الصحابة رَجَعوا عن ذلك لما بلغتهم الأحاديث الأُخرى الصحيحة، كحديث عائشة وغيرها.

وَمنَ الأحَاديث التي نعتبرها قاطعةً للنِّزاع في هذه المسألة: ما ورد عن أبي موسى الأشعري في حديثٍ طويلٍ في البخاري، وفي غيره أيضًا أنه قال: اختلف رهطٌ من المهاجرين ومن الأنصار فيما يتعلق بهذا الأمر، فَقَال بعضهم: من الماء، وقال بعضهم: من اللقاء. يعني قال المهاجرون: إن الموجب إنما هو التقاء الختانين. وقال الأنصار: إنما هو نزول الماء.

فَقَال أبو موسى: أنا أشفيكم من ذلك، فانطلق صوبَ عائشة - رضي الله عنهما - وقال: إني سائلكِ، وإني مستحي أو إني أستحييك، فقالت: سَلْ، فأنا بمثابة أُمِّك. فَسَألها عمَّا يوجب الغسل، فَقَالت: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، وَمَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ، فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ" (٣)،


(١) أخرجه البخاري (٢٩٢)، عَنْ عطاء بن يسارٍ، أن زيد بن خالد الجهني أخبره أنه سأل عثمان بن عفان، فقال: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يُمْن؟ قال عثمان: "يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره"، قال عثمان: سمعتُهُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألت عن ذلك عليَّ بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأبي بن كعب - رضي الله عنهم -، فأمَروه بذلك.
(٢) الرواية السابقة.
(٣) أخرجه مسلم (٣٤٩)، عَنْ أبي موسى، قال: اختلف في ذلك رهطٌ من المهاجرين والأنصار، فقال الأنصاريون: لا يجب الغسل إلا من الدفق أو من الماء. وقال المهاجرون: بل إذا خالط، فقد وجب الغسل. قال: قال أبو موسى: فأنا أشفيكم من ذلك، فقمتُ فاستأذنتُ على عائشة، فأذن لي، فقلت لها: يا أماه - أو: يا أم المؤمنين - إني أريد أن أسألك عن شيءٍ، وإنِّي أستحييك، فقالت: لا تستحيي أن تسألني عما كنت سائلًا عنه أمك التي ولدتك، فإنما أنا أمك، قلتُ: فمَا يوجب الغسل؟ قالت: على الخبير سقطت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جلسَ بين شُعَبها الأربع، وَمَس الختان الختان، فقد وجب الغسل".

<<  <  ج: ص:  >  >>