للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعلق بماء البحر وأنه طهور، وكذلك ميتته حلالٌ لنا فأجمل ذلك في جملتين مكونة كل واحدة منهما من مبتدأ وخَبَر هو الطَّهور ماؤه الحل ميتته، فالآية والحديث يدلان على أن ما في البحر حلال سواء كان هذا المطعومِ طريًّا، كما قال الله تعالى: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [النحل: ١٤]، أو كانت كذلك الميتة وهذا هو تفسير عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - (١).

* قولُهُ: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهم تَعَارُضُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ).

ذكرنا أن الخلاف في الطافي وجمهور العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة - رحمهم الله - مالك والشافعي وأحمد يقولون: "كل ما في البحر من حيث الجملة حلال"، ويرون أن الطافي كغيره لا فرق بين ما تأخذه من البحر طريًا وما جَزَرَ عنه البحر (٢) أي: انحسر عنه ورمى به ثم رجع عنه الماء، وما طفا ميتًا فكل ذلك مباح أباحه الله سبحانه وتعالى في عموم الآية، وكذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قول: "الحِلُّ مَيتَتُهُ"، وخالف الحنفية في ذلك فمرة قالوا: بتحريم الطافي مطلقًا (٣)، وأُخرى فصلوا في ذلك وفرَّقوا بين أن يلفِظَهُ البحرَ أعلاه فيكون بطنه إلى أعلى فيكون محرَّمًا أو ظهره إلى أعلى فيكون مباحًا (٤)، وهذا تفصيل واجتهاد منهم، واستدلوا بحديث: "ما ألقَاهُ البحرُ أو جَزَر عنْه فكُلُوه، وما مات فيه وطفا فلا تأكُلُوهُ" (٥)، وهذا الحديث


(١) يُنظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (٣/ ١٩٧)، حيث قال: "وقال ابن عباس في الرواية المشهورة عنه: صيده ما أخذ منه {وَطَعَامُهُ} ما لفظه ميتًا".
(٢) جزر عنه البحر: أي ما انكشف عنه الماء من حيوان البحر. انظر: "النهاية" لابن الأثير (١/ ٢٦٨).
(٣) يُنظر: "الدر المختار"، للحصكفي (٦/ ٣٠٦، ٣٠٧)، وفيه قال: " (ولا) يحل (حيوان مائي إلا السمك) الذي مات بآفة ولو متولذا في ماء نجس، (غير الطافي) على وجه الماء الذي مات حتَفْ أنفِهِ وهو ما بطنه من فوق، فلو ظهره من فوق فليس بطاف فيؤكل".
(٤) تقدم.
(٥) أخرجه أبو داود (٣٨١٥) وغيره وضعفه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>