للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلم عنه العلماء وبَيَّنوا أنه فيه ضُعْف (١) وعلى فرض صحته فإن المراد بذلك ما مات في أسفل البحر ثم قُذف به فظهر نَتَنُه ففي هذه الحالة تعافُه النفوس، فالنهي ليس للتحريم وإنما للكراهة لما قد يحصل فيه من رائحة غير جيدة تعافُها النفوس (٢).

* قولُهُ: (وَمُعَارَضَةُ عُمُومِ الْكِتَابِ لِبَعْضِهَا مُعَارَضَةً كُلِّيَّةً).

قصده: الحديثين الأول: "هو الطَّهورُ ماؤهُ والحِلُّ مَيتَتُهُ"، والآخر هو حديث جابر: "ما ألقى البحر أو جَزَرَ عنه فكُلُوه، وما مات فيه وطفَا فلا تأكُلُوه"، فهذا الأخير موقوف والأول صحيح فهذان حديثان متعارضان، الأول هو الحل ميتته مطلقًا يدل على أن كل ما في البحر حلال، والآخر: يُسْتَثْنَى من ذلك الطافي، يعني: ما طَفَا على البحر وارتفعَ عَليهِ، ومعارضة الكتاب لهذه الأحاديث، إما معارَضَةٌ جزئية أو كلية، فمثلًا الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [المائدة: ٩٦]، هذه أطلقت، والآية الأخرى فيها قَيْد.

* قولُهُ: (وَمُوَافَقَتُهُ لِبَعْضِهَا مُوَافَقَةً جُزْئِيَّةً، وَمُعَارَضَةُ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ مُعَارَضَةً جُزْئِيَّةً. فَأَمَّا الْعُمُومُ فَهُوَ قولُهُ تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣]).

هذه الآية هي الأصل في تحريم الميتة واستدلال المؤلف بهذه الآية من حيث الإطلاق، فأطلقها ولم يستثن منها ميتة البحر وهذه حجة للذين


(١) قال أبو داود: "روى هذا الحديث سفيان الثوري، وأيوب، وحماد، عن أبي الزبير، أوقفوه على جابر. وقد أسند هذا الحديث أيضًا من وجه ضعيف، عن ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " انظر: سنن أبي داود (٣٨١٥).
(٢) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (٩/ ٣٩٤)، حيث قال: "فأما حديث جابر، فإنما هو موقوف عليه، كذلك قال أبو داود: رواه الثقات فأوقفوه على جابر، وقد أُسنِدَ من وجه ضعيف. وإن صح فنحمله على نهي الكراهة؛ لأنه إذا مات رَسَبَ في أسفَلِه، فإذا أنتن طَفَا، فكَرهَه لنَتنِهِ، لا لتحريمِهِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>