للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيَّنَ أن هذه نعمَةٌ من نِعَمِ الله وخير وفضل منه سبحانه وتعالى ساقه لعباده المتقين؛ لأنه سبحانه الله لا يتركهم هملًا فأكلوا من ذلِكَ وحَمَلُوا منه ما بقي، لكنهم لكي يطمئنوا إلى حكم ذلك سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبين لهم ذلك وأنه خيرٌ ساقه الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين "وسألهم هل بقي منه من شيء" (١)، وفي رواية أنهم قالوا: "نعم، فأطعموه منها" (٢)، أي: من العنبر، إذن: هذا الحديث يدل دلالة مطلقة على أن ميتة البحر حلال، ومثله أيضًا "الحل ميتته" (٣) الحديث الآخر فإنه أيضًا نص صريح في أن جميع ما في البحر من حيوان طري أو ميت فإنه حلال.

* قولُهُ: (وَهَذَا إِنَّمَا يُعَارِضُ الْكِتَابَ مُعَارَضَةً كلِّيَّةً بِمَفْهُومِهِ، لَا بِلَفْظِهِ).

إن عارض الكتاب فليست المعارضة كما قال المؤلف بلَفْظِهِ (٤) وإنما بمَفْهومِهِ (٥)؛ لأن الكتاب قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}، وقوله: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ}، وقوله: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥]، فبين حرمة الميتَةِ لكن الأدِلَّةَ الأخْرَى قيَّدتها وبيَّنت أن التحريم المقصود به غير ميتَةِ البحْر، أما ميتة البَحْرِ فالرسولُ - صلى الله عليه وسلم - قال: "هو الطهور ماؤه الحل


= وقد اضطررتم فكلوا، قال: فأقمنا عليه شهرًا ونحن ثلاث مائة حتى سَمِنَّا، فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرنا ذلك له، فقال: "هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ "، قال: فأرسلنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه فأكله.
(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أي منطوقه ينظر: "بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب" للأصفهاني (٢/ ٤٣٠)، حيث قال: "والمنطوق: ما دل عليه اللفظ في محل النطق".
(٥) يُنظر: "بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب" للأصفهاني (٢/ ٤٣٠)، حيث قال: "والمفهوم بخلافه، وهو: ما دل اللفظ عليه لا في محل النطق".

<<  <  ج: ص:  >  >>