للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميتته" (١)، وقال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: ٩٦]، {وَطَعَامُهُ} كما فسَّرَهُ ابن عباس هو مَيتَتُه، فجاء في القرآن ما يدل على إباحة ذلك.

*قولُهُ: (وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: هو الطَّهُورُ مَاؤُه، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ").

هذا يعرف عند علماء البلاغة بأسلوب الحكيمِ (٢) يعني: أن يُسأل الإنسان سؤالًا فيجدُ أن السائل بحاجة إلى ما هو أكثر منه، فيجيبه عنه ويجيبه بزيادة، وربما يعْدِلُ به إلى شيء آخر، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أجاب السائل عن موضِع سُؤالِهِ، أفتاه عما أشكل عليه وزادَهُ حُكْمًا آخر يتعلق بالبحر أيضًا الحل ميتته، لأن الإنسان إذا استشكل ماءَ البحر فأوْلى أن يستَشْكِلَ ميتة البحر؛ لأنه أنواعًا عديدة فالرسول - صلى الله عليه وسلم - جَلَّى عن السائل كل شبهة ورفع عنه كل إبهام وبين له أن ماء البحر كغيره من المياه وإن كان ملحًا فإنه طهور، أما حديث: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"، فهذا الحديث في مسند مالك (٣) وغيره، وهو حديث صحيح عند أحمد (٤) وعند بعض أصحاب السنن (٥).

* قوله: (وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمُوَافِقُ لِلْعُمُومِ مُوَافَقَةً جُزْئِيَّةً، فَمَا رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "الكليات" للكفوي (ص: ١١١)، حيث قال: "أسلوب الحكيم: هو لغة كلِّ كلام محكم. واصطلاحًا: هو إما تلقي المخاطب بغير ما يترقب بسبب حمل كلام المخاطب على خلاف ما أراده تنبيهًا على أنه الأولى بالقصد والإرادة".
(٣) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٢٢).
(٤) أخرجه أحمد (٨٧٣٥). وصححه الأرناؤوط.
(٥) أخرجه أبو داود (٨٣)، وابن ماجه (٣٨٦)، وصححه الألباني في "الإرواء" (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>