للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّلَامُ - قَالَ: "مَا أَلْقَى الْبَحْر، أَوْ جَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوه، وَمَا طَفَا فَلَا تَأْكلُوه" (١)، وَهُوَ حَدِيثٌ أَضْعَفُ عِنْدَهُمْ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَسَبَبُ ضِعْفِ حَدِيثِ مَالِكٍ أَنَّ فِي رُوَاتِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ (٢)، وَأَنَّهُ وَرَدَ مِنْ طَرِيقٍ وَاحِدٍ).

هذا الحديث اختلف فيه رفعًا ووقفًا والصحيح أنه موقوفٌ، ومعنى ذلك أنه موقوف على جابر - رضي الله عنه - فيكون رأي صحابي فيُعارِضُه صحابي أفضل منه، وهو رأي أبو بكر (٣) فإن أبا بكر نَصَّ على أن الطافي حلالٌ، إذن: قول صحابي عارضه صحابي آخر والصحابي الآخر أيضًا أيدتْهُ الأحاديث الأخرى الصحيحة مثل حديث: "أنَّ ما في البحر فإن الله سبحانه وتعالى قد تَوَلَّى ذبْحَهُ" (٤)، فما في البحر ذُكِّي فهو حلال أكله، لكن العلماء يتوقفون في بعض حيوانات البحر التي تلتَقِي مع حيوانات البر في الاسم ككلب الماء مثلًا وقنديل الماء، فهل هذه يجوز أكلها وكذلك الضفدع وبعض الحيوانات التي توقف فيها بعض العلماء.

* قولُهُ: (قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: بَلْ رُوَاتُهُ مَعْرُوفُونَ، وَقَدْ وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ وَسَبَبُ ضَعْفِ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ الثِّقَاتِ أَوْقَفُوهُ عَلَى جَابِرٍ).

رواته معرفون يعني: حديث: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"، أما سبب ضَعْفِ حديث جابر أن بعض العلماء وقَّفه على جابر، فتأتي معارَضَتُه


(١) تقدم.
(٢) يُنظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٦/ ٢١٧)، حيث قال: "أما سعيد بن سلمة فلم يرو عنه فيما علمت إلا صفوان بن سليم والله أعلم، يقال: إنه مخزومي من آل ابن الأزرق أو بني الأزرق، ومن كانت هذه حاله فهو مجهول لا تقوم به حجة عندهم".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٤/ ٥٠٣) (٨٦٥٤)، ولفظه: "أشهد على أبي بكر قال: "السمكة الطافية حلال، فمن أرادها أكلها".
(٤) أخرجه الدارقطني (٥/ ٤٨٦). ولفظه "ما في البحر من شيء إلا قد ذكَّاه الله تعالى لكم". قال البيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ٤٢٤): هذا إسناد غير قوي وقد روي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>