للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبنها" (١)، هذه عدة روايات، لكنها كلها تدور حول النهي عن أكل لحوم الجلالة، وفي بعض الروايات جاء التَّنْصِيصُ على الإبل، فهل النهي يقتضي التحريم هنا أو الكراهة؟ الجواب: جماهير العلماء يقولون: أن النهي للكراهة، وقالوا: "تزول بحبسها".

* قوله: (وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمُعَارِضُ لِهَذَا فَهُوَ أَنَّ مَا يَرِدُ جَوْفَ الْحَيَوَانِ يَنْقَلِبُ إِلَى لَحْمِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ وَسَائِرِ أَجْزَائِهِ، فَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ لَحْمَ الْحَيَوَانِ حَلَالٌ. وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِمَا يَنْقَلِبُ مِنْ ذَلِكَ حُكْمُ مَا يَنْقَلِبُ إِلَيْهِ، وَهُوَ اللَّحْم، كمَا لَوِ انْقَلَبَ تُرَابًا، أَوْ كَانْقِلَابِ الدَّمِ لَحْمًا، وَالشَّافِعِيُّ يُحَرِّمُ الْجَلَّالَةَ، وَمَالكٌ يَكْرَهُهَا).

نلاحظ المؤلف هنا أخذ الرواية الثابتة (٢) من الإمام الشافعي فالرواية المشهورة عنه أنه يرى حبسها كالإمام أحمد (٣)، وله رواية أخرى يرى: عدم الحبس، وله رواية ثالثة يرى: حرمتها (٤)، أما الرواية المشهورة عنده فإنها تحبس وتزول الكراهة (٥).


(١) أخرجه أبو داود (٣٧٨٧) وغيره ولفظه "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها أو يشرب من ألبانها". وصححه الألباني.
(٢) الذي عليه المذهب هو القول بالكراهة إذا حدث تغير لحمها بالنجاسة. ينظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١٥٦، ١٥٧)، حيث قال: " (وإذا ظهر تغير لحم جلالة) من طعم أو لون أو ريح، … (حرم) كسائر أجزائها وما تولد منها كبيضها ولبنها … ، (وقيل: يكره) الجلالة، (قلت: الأصح يكره، والله أعلم) لأن النهي لتغير اللحم فلا يقتضي تحريمها".
(٣) لم أجد نص الشافعية على الحبس، بل يعللون الأمر بزوال تغير اللحم بسبب أكل النجاسة، ينظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١٥٦)، حيث قال: " (فإن عُلِفَتْ طَاهِرًا) … (فطاب) لحمها (حل) هو وبقية أجزائها من غير كراهة".
(٤) تقدم. وأن القول بالكراهة هو الصحيح في المذهب.
(٥) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١٥٦)، حيث قال: " (وقيل يكره) الجلالة (قلت: الأصح يكره".

<<  <  ج: ص:  >  >>