للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كتَابِ الطَّهَارَةِ).

تقدم في كتاب الطهارة الحديث عن الجُلودِ وقضية الصلاة عليها ولُبْسها وغير ذلك وهل الجلد إذا دُبغ يختلف عن غيرِهِ، وذكرنا أن جِلْدَ الميتَةِ التي أصلُها حلال على الصحيح كالشياه وكذلك الغنم والبقر والإبل، فهذه وإن كانت ميتَةٌ إذا دُبغت فإنها تطهر جُلودها؛ لأن الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دُبغ الإهابُ فقَدْ طَهُرَ" (١) أي: الجلد، وإذا ظرف لما يستقبل من الزَّمانِ، "كل إهاب دبغ فقد طَهُرَ" وهذا من صيغ العُموم (٢)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما مر بشاة ميتة فقال: "هلا انتفعتم بجلدها" (٣)، وأما من يقول: كل جلد ميتة دُبِغَ أو لم يُدبَغْ فهو نجس، وهذا معروف من مذهب الحنابلة فهو رأي ضعيف تخالفه الأدلة الصحيحة، وهو من مفاريد مذهبِ الإمام أحمد (٤).

* قوله: (وَأَمَّا الدَّمُ فَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ الْمَسْفُوحِ مِنْهُ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمُذَكَّى) (٥).


(١) أخرجه أبو داود (٤١٢٣)، وصححه الألباني.
(٢) يُنظر: "البحر المحيط" للزركشي (٤/ ٨٤)، حيث قال: " [الصيغة الأولى كل] ومدلولها الإحاطة بكل فرد من الجزئيات إن أضيفت إلى النكرة، أو الأجزاء إن أضيفت إلى معرفة".
(٣) أخرجه البخاري (١٤٩٢) ولفظه "وجد النبي - صلى الله عليه وسلم - شاة ميتة، أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هلا انتفعتم بجلدها؟ " قالوا: إنها ميتة: قال: "إنما حرم أكلها". وأخرجه مسلم (٣٦٣).
(٤) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٥٤)، حيث قال: " (ولا يطهر جلد ميتة نجس بموتها بدبغه) ".
(٥) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (١/ ٣١٩)، حيث قال: " (ودم) مسفوح من سائر الحيوانات".
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (١/ ٥٧)، حيث قال: " (ودم مسفوح) أي: جار بسبب فَصْدٍ أو ذكاة أو نحو ذلك، إذا كان من غير سمك وذباب، بل (ولو) كان مسفوحًا (من سمك وذباب) وقراد وحلم، خلافًا لمن قال بطهارته منها".=

<<  <  ج: ص:  >  >>