للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل عليه الخطاب، يعني: مراد المؤلف: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} هذا مطلَقٌ، هل نقيِّدْهُ بالدَّمِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} أم لا؟

* قوله: (وَالْمُطْلَقُ عَامٌّ، وَالْعَامُّ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ - قَضَى بِالْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَقَالَ: يَحْرُمُ قَلِيلُ الدَّمِ وَكَثِيرُهُ).

يعني: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} جاء ذكر الدم غير مُقَيَّدٍ، وفي قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} أُطلق أيضًا، لكن في قوله: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} قُيِّدَ بكونه مسفوحًا أي: سائلًا، وعلى هذا إذا أخذنا بمفهوم المخالفة أن الدم غير المسفوح هو غير نَجِسٍ.

* قوله: (وَالسَّفْحُ الْمُشْتَرَطُ فِي حُرْمِيَّةِ الدَّمِ إِنَّمَا هُوَ دَمُ الْحَيَوَانِ الْمُذَكَّى).

فإذا ذبحت حيوان فذكيته هذا هو المسفوح، لكن الدم الذي يخرج من الحيوان الحي حتى ولو لم يكن مسفوحًا فإنه نجس.

" قول: (أَعْنِي أَنَّهُ الَّذِي يُسِيلُ عِنْدَ التَّذْكيَةِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْحَلَالِ الأكْلِ، وَأَمَّا أَكْلُ دَمٍ يَسِيلُ مِنَ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ).

يعني: لو جُرح حيوان حتى وإن كان هذا الحيوان مأكول اللحم لكنه لا يزال حيًّا فليس للإنسان أن يشرب هذا الدَّم؛ لأنه محرم بإجماع العلماء (١)، كذلك لو جِيءَ بحيوان لا يجوز تذكيته، أي: حيوان محرم الأكل فلا يجوز حتى وإن ذَكَّيْتَهُ كما تذكى الحيوان الذي يجوز أكله، فإن ذلك لا يكون سببًا في إباحة دمه عند من يقول بإباحة القليل لا يجوز ذلك.


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ٣٢٤ - ٣٢٦)، حيث قال: "واتفقوا على أن الميتة والدم ولحم الخنزير حلال لمن خشي على نفسه الهلاك من الجوع، ولم يأكل من أمسَّه شيئًا، ولم يك قاطع طريق، ولا مسافرًا سفرًا لا يحل". "واتفقوا أن الدم المسفوح حرام".

<<  <  ج: ص:  >  >>