للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*قوله: (وَكَذَلِكَ الدَّمُ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمُحَرَّمِ الأكلِ، وَإِنْ ذُكِّيَ فَقَلِيلُهُ وَكثِيرُهُ حَرَامٌ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا).

يعني: لو جيء بأسدٍ فذُبِحَ أو بنَمِرٍ أو بفهد هذه الحيوانات المحرمة تذكيها لا يبيح لك شيئًا من دَمِهَا حتى ولو كان قَلِيلًا إلا في حالة الضرورة، والضرورة سيتكلم عنها المؤلف وسنفصل القول فيها - إن شاء الله - فالمضطر له أحكامه، فلو خشي الهلاك على نفسه يأكل من الميتة، ولو خَشِيَ على نفسه أن يموت من الظمأ ولم يجد ما يدفع به إلا شيئًا من خمر فيدفع به، أو شيء فيه نجاسَةٍ؛ لأنه مهجةُ الإنسان وحياته هي مقدمة في بقائها على ما يتعلق بأمر محرم كميتة أو غيرها.

* قوله: (وَأَمَّا سَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي دَمِ الْحُوتِ فَمُعَارَضَةُ الْعُمُومِ لِلْقِيَاسِ، أَمَّا الْعُمُومُ فَقوله تعالى: (وَالدَّمُ)، وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَمَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْ كَوْنِ الدَّمِ تَابِعًا فِي التَّحْرِيمِ لِمَيْتَةِ الْحَيَوَانِ، أَعْنِي أَنَّ مَا حَرُمَ مَيْتَتُهُ حَرُمَ دَمُه، وَمَا حَلَّ مَيْتَتُهُ حَلَّ دَمُه، وَلِذَلِكَ رَأَى مَالِكٌ أَنَّ مَا لَا دَمَ لَهُ فَلَيْسَ بِمَيْتَةٍ) (١).

الفصد (٢): الدم اليسير الذي يبقى مع اللحم أحيانًا تأخذ اللحم فتجد أثر الدم هذا معفو عنه.

* قوله: (قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِي هَذ الْمَسْأَلَةِ فِي كتابِ الطَّهَارَةِ، وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا حَدِيثًا مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الدَّمِ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "أُحِلَّتْ لنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ"، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (١/ ٤٨)، حيث قال: " (الطاهر ميت ما) أي: حيوان بري (لا دم له) أي: ذاتي كعقرب وذباب".
(٢) يُنظر: "لسان العرب" لابن منظور (٣/ ٣٣٦)، حيث قال: "الفصد: شق العرق؛ فصده يفصده فصدًا وفصادًا، فهو مفصود وفصيد. وفصد الناقة: شق عرقها ليستخرج دمه فيشربه".

<<  <  ج: ص:  >  >>