للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان الكل مسكرًا، وإذا كانت الخمر حُرِّمت لعينها، وغيرها حُرِّم لكونه مسكرًا، فغير المسكر منه لا يكون حرامًا - وهو النبيذ - هذا هو الذي يريدون أن يصلوا إليه.

لكن هذا الحديث حديثٌ ضعيف، كما أنه موقوفٌ على عبد اللّه بن عباس، فهو غير صالح للاحتجاج به، ولا يَقوَى على مقاومة الأدلة الصحيحة الصريحة في هذا المقام.

قولهء: (وَضَعَّفَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ رُوَاتِهِ رَوَى "وَالْمُسْكِرُ مِنْ غَيْرِهَا") (١).

يعني بدل "السُّكر"، فكونه تعددت الروايات فيه، دليل على ضعفه.

قوله: (وَمِنْهَا حَدِيثُ شَرِيكٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الشَّرَابِ فِي الْأوْعِيَةِ، فَاشْرَبُوا فِيمَا بَدَا لَكُمْ وَلَا تَسْكَرُوا" خَرَّجَهَا الطَّحَاوِيُّ (٢)).

لكن الذي جاء في "صحيح مسلم" وغيره؛ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "اشربوا في كل وعاءٍ، ولا تشربوا مسكرًا"، وتعددت الألفاظ في ذلك، وهي أقوى من هذه الرواية التي استدلوا بها.

وفي بعض الروايات، أن "الوعاء لا يحل حرامًا، ولا يحلل حلالًا" (٣)، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى في أول الأمر عن أن يُشرب في بعض الأوعية التي سُمِّيت في الحديث، ثم جاء بعد ذلك ما يدل على جواز


(١) بل لأنه موقوف على ابن عباس من كلامه، ومن رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد وهم، انظر: "الهداية في تخريج أحاديث البداية" لأحمد بن الصدِّيق الغُمَارِي (٦/ ٣٢٦).
(٢) أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٢٢٨)، (٦٥٤١).
(٣) أخرجه أحمد (٢٣٠٣٨)، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>