للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرب فيها، كما نهى أيضًا - صلى الله عليه وسلم - عن ادخار لحوم الأضاحي (١)، ثم رخَّص فيها فقال: "كلوا وتصدقوا وادخروا" (٢) والعلة معروفة؛ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك لأجل الدافة؛ أي: الذين دفّوا المدينة؛ أي: قدموا عليها وهم في حاجة إلى هذه اللحوم، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يعطي الناس لأولئك الفقراء الذين دخلوا المدينة؛ ليأكلوا من هذه اللحوم، فلو أن كل إنسان ادخر ما عنده؛ لما بقي شيء لهؤلاء الفقراء؛ وأيضًا جاء أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "كنتُ قد نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها؛ فإنها تذكركم الآخرة" (٣).

إذن هناك أمور نهى عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم رخَّص فيها، وقد ذكر العلماء العلة في ذلك؛ فمثلًا بالنسبة إلى الأوعية غير الأدمة - أي: الجلد - قالوا: لأن الناس كانوا قريبي عهدٍ بتحريم الخمر، ولذلك نُهوا عنها حتى لا تكون داعية لذلك؛ لأن هذه الأواني ربما تساعد على سرعة التخمُّر.

قوله: (وَرَوَوْا عَنِ ابْنِ مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ: "شَهِدْتُ تَحْرِيمَ النَّبِيذِ كَمَا شَهِدْتُمْ، ثُمَّ شَهِدْتُ تَحْلِيلَه، فَحَفِظْتُ وَنَسِيتُمْ").

هذ الذي نسبه المؤلف لابن مسعود لم يُعرَف عنه؛ وإنما عُرِف عن صحابي آخر هو عبد اللّه بن مُغفَّل، حيث قال: شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نهى عن نبيذ الجرّ، وشهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رخَّص في ذلك (٤).

قوله: (وَرَوَوْا عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا


(١) أخرجه أحمد (٤٣٥)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٢) أخرجه البخاري (٥٥٦٩)، ومسلم (١٩٧١).
(٣) أخرجه مسلم (٩٧٧).
(٤) أخرج أحمد (١٦٨٠٤): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِي، قَالَ: أَنَا شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ نَهَى عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ، وَأَنَا شَهِدْتُهُ حِينَ رَخَّصَ فِيهِ، قَالَ: "وَاجْتَنِبُوا الْمُسْكِرَ"، وقال الأرناؤوط: إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>