للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهينا!! فأراقوها في الشوارع، وكانت توجد خمرٌ لأيتام، فأراقوها أيضًا، وسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تحليلها، فنهاهم عن ذلك وقال: "أهريقوها، أهريقوها"، فكانت الأسقية تسيل في الشوارع، فاللّه تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)} [المائدة: ٩٠]، فاجتناب الخمر هو سببٌ للفلاح، وعدم اجتنابها هو سببٌ لما هو ضد الفلاح، لأنهم إذا سكروا، فقدوا عقولهم، فارتكبوا ما لا يجوز، فتقع العداوة بينهم، وهذا هو ما يُسعد الشيطان ويسره، فربما طلق الزوج زوجته، وربما اعتدى القريب على قريبته، والمؤمنون مطالبون ألا تنتشر بينهم العداوة، ومطلوب منهنم أن يتعاونوا على البرِّ والتقوى، فنحن مطالبون دائمًا بأن نخالف الشيطان، وأن ندحره في كل أمر، حتى إن الله تعالى يقول: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)} [النحل: ٩٨ - ١٠٠].

إذن فعلى المؤمن دائمًا أن يتجنب كل طريق يجد فيه ما يرضي الشيطان، ويسلك كل طريقٍ يجد فيه مرضاة الرحمن سبحانه وتعالى فالشيطان يَصُدّ عَن ذِكْرِ اللَّهِ؛ واللّه تعالى قال: {آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣]؛ فإذا سكر الإنسان أصبح لا يعقل، والمسلم مطالب بأن يكون مدركًا لبيبًا عاقلًا لأمور الصلاة، حتى إن الثواب في الصلاة يزداد وينقص بحسب ما فيها من الخشوع.

ثم ختم الله - تعالى - الآية بقوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩١] فكان هؤلاء الذين فهموا الآية على وجهها الصحيح، قالوا: انتهينا؛ انتهينا!!

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما بيَّن لنا أن ما أسكر كثيره فقليله حرام، وأنه لا فرق بين القليل والكثير؛ فالله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نطيع رسول - صلى الله عليه وسلم - {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]، وهو الذي قد بيَّن لنا ما

<<  <  ج: ص:  >  >>