للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كتاب الله عز وجل مع أننا نجد أن الآية واضحة وليس فيها دلالة لأولئك الذين يستدلون بها.

ذكر الله سبحانه وتعالى العلل والأسباب التي من أجلها حرَّم الخمر، وأن من هذه العلل ما فيها من إقامة العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذه كلها من الأمور التي يسعى الشيطان إلى أن يُوقع فيها المسلم؛ لأن الشيطان لا يُعنى بأوليائه الذين أطاعوه؛ إنما هو يهتم بأولئك الذين سلكوا طريق السعادة والخير، فهو يحاول أن يضلَّهم، ولذلك يسعى دائمًا إلى أن يوسوس للإنسان في صلاته، وقد أرشدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطريق السوي في ذلك؛ أنه إذا شك أحدنا في صلاته فلم يدرِ أصلَّى ثلاثًا أم أربعًا؛ فليطرح الشك وليبنِ على ما استيقن، فإنه إن صلَّاها خمسًا؛ كان ذلك ترغيمًا للشيطان، وإن كان أربعًا؛ شفعن له في صلاته، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أغلق كل منفذ وكل طريقٍ يحاول الشيطان أن ينفذ منه إلى المؤمنين الذين استجابوا لأمر ربهم، ونزلوا عند أحكام رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: (وَهَذهِ الْعِلَّةُ تُوجَدُ فِي الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ لَا فِيمَا دُونَ ذَلِكَ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَدْرُ هُوَ الْحَرَامَ).

لكن هذا القليل وسيلةٌ إلى السُّكر، والوسيلة التي توصلك إلى المحرم محرمة، ولذلك فإن العلماء عندما تكلَّموا على الذي يسافر سفر معصية؛ فأكثرهم يقولون: ليس له أن يقصر الصلاة، ولو اضطُر إلى أكل الميتة ليس له أن يأكل منها؛ قالوا: لأن هذه رخصة، ولا يرخَّص للعصاة؛ لأن الرخصة تعينهم على فعل المعاصي؛ وقالوا: يتوب إلى الله، وإذا كان في هذا الموقف الذي يرى فيه الموت رأيَ العين، ولا يرجع إلى الله سبحانه وتعالى فهذا لا خير فيه، فليتب إلى الله توبة نصوحًا؛ حينئذٍ تتغير حاله، فيُباح له الأكل من هذه الميتة التي اضطر إلى الأكل منها.

قوله؛ (إِلَّا مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ مِنْ تَحْرِيمِ قَلِيلِ الْخَمْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>