ونحن نتبين أن الأدلة مجتمعة تبين أن النهي ليس للتحريم؛ وأن النهي خشية الوقوع في المحظور، أما إذا اطمأن الإنسان إلى أنه لا يقع في محظورٍ بإذن الله؛ فإنه يجوز له.
حديث أبي سعيد الخدري أيضًا فيه جواز الانتباذ مطلقًا، لكن أصح الأدلة هو حديث عائشة الذي ذكرناه.
قوله:(وَأَمَّا مَنْ مَنَعَ كُلَّ خَلِيطَيْنِ؛ فَإِمَّا أن يَكُونَ ذَهَبَ إلى أن عِلَّةَ الْمَنْعِ هُوَ الاخْتِلَاط، لَا مَا يَحْدُثُ عَنْ الاخْتِلَاطِ مِنَ الشِّدَّةِ فِي النَّبِيذِ).
الحقيقة ليست علة المنع هي الاختلاط؛ وإنما الاختلاط يسارع فقط في الوصول إلى المنهي عنه؛ وإنما العلة هي أن الإنسان قد ينخدع، فقد تعوَّد أن يضع النبيذ في إناء فيشرب فيه مدة ثلاثة أيام وربما أكثر - هذا ما لم يُسكِر - ثم يجمع بين الخليطين فيفاجأ به قد وصل إلى درجة الإسكار، فربما لو شرب منه وقع في المحظور، وهذا هو الذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأن الإنسان أحيانًا ينسى؛ ومن وقع في الشبهات؛ وقع في الحرام.