للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ نَفْسَ خُرُوجِهِ هُوَ المُوجِبُ لِلطُّهْرِ؛ سَوَاءٌ خَرَجَ بِلَذَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ لَذَّةٍ).

وذَهَبَ الشافعيَّة إلى القَول بأن أيَّ خُرُوجِ للمني، وَعَلى أيِّ صِفَةٍ كان، سَوَاء خرَج بلَذَّةٍ، أو ببعضها، أو بغير لَذَّةٍ، أو عن صِحَّةٍ أو مَرَضٍ، أو خرج عن طريق دافق أو غيره، فكلُّ ذَلكَ موجبٌ للغسل، وعلَى هذا ففي المسألة قولان، قول الجمهور المعتبر صحبة اللذة للخروج، وقول الشافعية الذين يعتبرون مجرد خروج المني موجبًا للغسل (١).

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ هُوَ شَيْئَان، أَحَدُهُمَا: هَلِ اسْمُ الجُنُبِ يَنْطَلِقُ عَلَى الَّذِي أَجْنَبَ عَلَى الجِهَةِ غَيْرِ المُعْتَادَةِ).

اعتبر المؤلف رَحِمهُ الله الخلافَ خلافًا قياسيًّا، وهو أكبر من ذلك، فقد يكون من أسباب الخلاف، ولكن أقوال العلماء وأدلتهم المؤيدة لتوجُّهاتهم غير ما ذَكَره المؤلف، فجُمْهورُ العلماء الَّذين يقولون بأن خروج المني بلذةٍ هو الموجب للغَسل، يستدلُّون بأَدلَّةٍ، منها:

* قَوْل الرَّسول عليه الصلاة والسلام: "إذا فضخت الماء فاغتسل"، حديث رواه أبو داود (٢) وغيره من أصحاب السنن (٣). "وفضخت" (٤) أي: دفقت. وقالوا: فَهَذا نصٌّ، وَوَرد في رواياتٍ متعددةٍ، فَقَالوا: هذا يدلُّ على أن المراد بذلك إنما هو اللذة؛ لأن الدفقَ لا يخرج إلا عن طريق


(١) يُنظر: "المجموع" للنووي (٢/ ١٣٩) حيث قال: "أجمع العلماء على وُجُوب الغسل بخروج المني، ولا فرق عندنا بين خروجه بجماع أو احتلامِ أو استمناءٍ أو نظرٍ أو بغير سبب؛ سواء خرج بشهوةٍ أو غيرها، وَسَواء تلذذ بخروجَه أم لا، وَسَواء خرج كثيرًا أوً يسيرًا، ولو بعض قطرة، وسواء خرج في النوم أو اليقظة من الرجل والمرأة، العاقل والمجنون، فكلُّ ذلك يوجب الغسل عندنا".
(٢) أخرجه أبو داود (٢٠٦)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٢٥).
(٣) أخرجه النسائي (١٩٣)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل " (١٢٥).
(٤) "فضخ الماء": أي: دفقه، يريد المني. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٣/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>