للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمامًا، لكنهم قابلوا الإحسان بالإساءة، وقتلوا راعي الرسول - صلى الله عليه وسلم - واستباحوا إبله، فنكَّل بهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عقابًا لهم على غدرهم، ثم هناك خلاف؛ هل هذه الأبوال نجسة أمْ لا؟ فهناك من يرى أنها طاهرة؛ لأنه ما دام جاز التداوي بها فهي ليست بنجسة.

قوله: (وَلِذَلِكَ أَجَازُوا لِلْعَطْشَانِ أن يَشْرَبَهَا إن كَانَ مِنْهَا رِيٌّ، وَللشَّرِيقِ أن يُزِيلَ شَرَقَهُ بِهَا).

مراد المؤلف - رحمه الله تعالى - أنه إذا كانت تدفع عنه العطش؛ فله أن يشربها، ولو غص بلقمة، فله أن يشربها؛ لأنه مطالب بدفع الموت عن نفسه.

قوله: (وَأَمَّا مِقْدَارُ مَا يُؤْكلُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّ مَالِكًا (١) قَالَ: حَدُّ ذَلِكَ الشِّبَعُ، وَالتَّزَوُّدُ مِنْهَا حَتَّى يجِدَ غَيْرَهَا).

هذه المسألة تكلمنا عنها فيما سبق، وبينَّا أن هذا هو رأي الإمام مالك، وهو رواية في مذهب أحمد، أما مذهب جمهور العلماء فسيذكره المؤلف هنا.

وفي نظري أن مذهب مالك هو أقرب الأقوال؛ وقد ذكرنا الحديث الذي يدل عليه، في قصة الرجل الذي نفقت عنده ناقة، وليس لهم ما يتقوتون به، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "كلوا" (٢)، ولم يقل: كلوا ما يدفع عنكم الهلاك؛ وإنما أطلق، وهذا موطنٌ يحتاج إلى بيان، فإطلاق


(١) يُنظر: "الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني (ص: ٨١)؛ حيث قال: "ولا بأس للمضطر أن يأكل الميتة ويشبع ويتزود، فإن استغنى عنها طرحها".
وهو مذهب أحمد؛ ينظر: الجامع لعلوم الإمام أحمد - الفقه (١٢/ ٣٦٨)؛ حيث قال: "قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: مَنِ اضطر إلى الميتةِ يأكله؟ وقدر ما يأكلُ منه؟ قال: يأكلُ بقدرِ ما يستغني، وإنْ خافَ أن يحتاجَ إليه تَزوَّد منه … ، مسائل الكوسج (٣٣٢٧) ".
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>