للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أهل الظاهر (١): فإنهم يأخذون بظواهر النصوص فيقولون بوجو به.

لا وهي أن الإنسان ينقطع عن هذه الحياة الدنيا؛ لأنه ربما يفكر ويقول: لو أنني تزوجت لانشغلت بزوجتي وبمسؤولياتها، ثم بعد ذلك يأتي الأولاد فأقوم على رعايتهم وتربيتهم والكد والسعي في طلب الرزق للإنفاق عليهم، ثم بعد ذلك أنشغل بتربيتهم ومتابعتهم إلى غير ذلك.

فجمهور العلماء: يرون أن الزواج أفضل، فلو أن الناس تركوا الزواج لتعطلت مصالح كثيرة، ولأن الزواج فيه فضائل ومنافع وأسرار وحكم عظيمة؛ منها:

١ - أن المجتمع الإسلامي يخرج منه أمة صالحة؛ لأن هؤلاء الأبناء يتربون في هذه البيوت تربية صالحة، ويكونون في خدمة هذا المجتمع من جهاد وتعليم ودعوة وطلب للعلم واشتغال بالطب والهندسة وبغيرها، بكل ما يخدم المجتمع الإسلامي، فلا يكون المسلمون عالة على غيرهم.

٢ - أن فيه تكثيرًا لهذه الأمة، كما أشار الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك بقوله: "تزوجوا الودود الولود فإنه مكاثر بكم الأمم يوم القيامة".

ويكفينا ذلك أن قدوتنا هو محمد بن عبد الله، وقد تزوج - عليه الصلاة والسلام -، وأنكر على أولئك النفر الذين تحدثوا فيما بينهم، فقال بعضهم: أقوم الليل ولا أنام، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، وقال بعضهم: لا أتزوج النساء، فرد عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "أما أنا فأصوم وأفطر، وأنام وأقوم، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" (٢).


(١) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٩/ ٣)؛ حيث قال: "وفرض على كل قادر على الوطء إن وجد من أين يتزوج أو يتسرى أن يفعل أحدهما ولا بد، فإن عجز عن ذلك فليكثر من الصوم".
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٦٣) واللفظ له، ومسلم (١٤٠١) عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما =

<<  <  ج: ص:  >  >>