للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد: أن هذه المرأة جاءت لتستشير الرسول، فحصل في هذا العقد عدم وجود الكفاءة في النسب، وسيأتي الكلام على هذا الشرط، وهذه هي حجة من الحجج التي يتمسك بها أن الكفء لصاحب الدين؛ كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وليس لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي فضل إلا بالتقوى" (١)، فالذي يميز المسلم عن أخيه المسلم تقوى الله سبحانه وتعالى.

أبي الإسلام لا أب لي سواه … إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ (٢)

فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو جهم فإنه رجل لا يضع عصاه عن عاتقه"، دائمًا رافعًا العصا يضرب النساء؛ أي: رجل فيه قسوة وفيه غلظة، ولذلك أرشدها الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى حقيقة الأمر، أراد أن يبين لها الحق، وهذا من بلاغة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل لا يضع عصاه عن عاتقه، وفي رواية: "رجل ضراب للنساء" (٣)، ضراب: صيغة مبالغة؛ أي: كثير الضرب للنساء، وأما معاوية فلم يذكر فيه إلا أنَّه رجل صعلوك لا مال له؛ أي: فقير، مع أن هذا الرجل أصبح يقود أمة وأصبح الخليفة بعد الخلفاء الراشدين، وهو مؤسس الدولة الأموية، وهو صهر (٤) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٣٤٨٩) عن أبي نضرة، حدثني من سمع خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وسط أيام التشريق فقال: "يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى أبلغت".
(٢) ينسب البيت لسلمان الفارسي كما في "ربيع الأبرار" للزمخشري (٤/ ١٨٧)، وينسب لنهار بن توسعة اليشكري كما في "الكامل" للمبرد (٣/ ١٣٣).
(٣) أخرجها مسلم (٤٧/ ٤٨٠) وفيها "وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء … " الحديث.
(٤) الصهر: المتزوج إلى القوم، يقال: صاهرت إليهم، إذا تزوجت فيهم، وأصهرت بهم، إذا اتصلت بهم وتحرمت بجوار أو نسب أو تزوج. انظر: "جمهرة اللغة" (٢/ ٧٤٥)، و "الصحاح" للجوهري (٢/ ٧١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>